وقال عن الخليل ﵇ (١ في دعوته لأبيه وقومه١) (١) ﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّه﴾ إلى قوله: ﴿فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّه﴾ (٢)
فسمى دعاءهم لغيره عبادة فما عرفوا من الشرك ما عرف هدهد سليمان؛ فإنه أنكر الشرك وهؤلاء قبلوه واتخذوه دينًا، ومعلوم أن الدعاء والاستغاثة كالسجود وأعظم، وقد تقرر (٣) بالكتاب والسنة أنه عبادة، فجحد هذا العراقي ما كان معلومًا من الدين بالضرورة مكابرة وعنادًا. وقد تقدم لشيخ الإسلام ابن تيمية، والعلامة ابن القيم أن الدعاء نوعان لا تخرج العبادة (٤) عنهما: دعاء مسألة ودعاء عبادة، فدعاء المسألة يتضمن دعاء العبادة، ودعاء العبادة يستلزم دعاء المسألة (٥) . وهذا العراقي (٦) جهل هذه العلوم النافعة، فصار في ظلمة الجهل، فلم يعرف المعروف من المنكر، ولا عرف الحق من الباطل، فما وجدنا عنده إلا الخبط والعناد، والمرء عدو ما جهل. وفي هذه القصة ما ذكره الله تعالى (٧) عن بلقيس لما جاءت سليمان عرفت من التوحيد ودعوة الرسل ما/ أوجب أن قالت: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين﴾ (٨) ولم تقل: أسلمت لسليمان، بل
_________
(١) ما بين القوسين سقط من: (المطبوعة) .
(٢) سورة مريم، الآيتان: ٤٨و ٤٩.
(٣) تصحف في "ش" إلى "يقرر".
(٤) سقطت "العبادة" من: (المطبوعة) .
(٥) انظر صفحة ٥٢.
(٦) في هامش: (الأصل): "مطلب".
(٧) سقطت من "ش" و"م": "تعالى".
(٨) سورة النمل، الآية: ٤٤.
1 / 67