أنهم ينسبون أهل التوحيد إلى التنقص بالمشايخ والأنبياء والصالحين،
وما ذنبهم إلا أن قالوا إنهم عبيد لا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم ضرًا ولا نفعًا، ولا
موتًا ولا حياتًا ولا نشورًا؛ وأنهم (١) لا يشفعون لعابديهم أبدًا، بل حرم الله
شفاعتهم لهم، ولا يشفعون لأهل التوحيد إلا بعد إذن الله لهم في الشفاعة
فليس لهم من الأمر شيء؛ بل الأمر كله لله، والشفاعة كلها له سبحانه،
والولاية له، فليس لخلقه من دونه ولي ولا شفيع.
فالمشرك إما أن يظن أن (٢) الله سبحانه يحتاج إلى من يدبر أمر العالم معه
من وزير أو ظهير (٣)، أو عوين (٤)، وهذا أعظم التنقص لمن هو غني عن كل ما
سواه بذاته، وكل ما سواه فقير إليه بذاته.
(٥ وأما أن يظن أن الله سبحانه إنما تتم قدرته بقدرة الشريك٥) (٥) .
وإما أن يظن أنه لا يعلم حتى يعلمه الواسطة، أولا يرحم حتى يجعله
الواسطة يرحم؛ أو لا يكفي وحده؛ أو لا يفعل ما يريد العبد حتى يشفع عنده
الواسطة، كما يشفع المخلوق عند المخلوق، فيحتاج أن يقبل شفاعته لحاجته
إلى الشافع، وانتفاعه به، وتكثر به من القلة، وتعززه به من الذلة، أو لا يجيب
دعاء عباده حتى يسألوا الواسطة أن يرفع تلك الحاجة إليه كما هو حال ملوك
الدنيا، وهذا أصل شرك الخلق، أو يظن أنه لا يسمع دعاءه (٦) لبعده عنهم حتى
_________
(١) تكررت "وأنهم" في: "م".
(٢) في "ش"، أنه سبحانه"، وفي هامش: (الأصل): "تأمل ما يلزم المشرك الظالم".
(٣) في "م" و"ش": "وظهير".
(٤) في "م" و"ش": "وعوين".
(٥) ما بين القوسين سقط من: "م" و"ش".
(٦) في "ش": دعاء".
1 / 60