وقد تنازع العلماء في القسم به (١)، هل تنعقد به اليمين؟ على قولين: أشهرهما: أنه لا تنعقد (٢) به، وهو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة، وأحد القولين في مذهب أحمد. والثاني: تنعقد اليمين به، وهي الرواية الأخرى عن أحمد، اختارها طائفة من أصحابه.
والصواب، ما عليه الجمهور من أنه لا تنعقد اليمين (٣) بمخلوق لا النبي ﷺ، ولا غيره. ولكن لم يسم أحد من الأمم هذا استغاثة، فإن الاستغاثة [به] (٤) طلب منه لا طلب به، وهذا اعتقد جواز هذا بالإجماع (٥)، وسماه استغاثة، فلزم جواز الاستغاثة به بعد موته بالإجماع، فجوز أن يتوسل به في كل شيء. ثم إنه لم يجعل هذا وحده معنى الاستغاثة، بل جعل الاستغاثة الطلب منه أيضًا فكان لا يميز بين هذا المعنى وهذا المعنى، بل يجوز عنده أن يستغاث به في كل ما يستغاث الله (٦) فيه، على معنى أنه وسيلة من وسائل الله في طلب الغوث، وهذا ثابت عنده للصالحين، ولو كان هذا حقًا لم يقل النبي ﷺ: "إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله ﷿" (٧)
(١) في هامش (الأصل): "مسألة فقهية".
(٢) في "الرد على البكري": "لا تنعقد اليمين..".
(٣) في (الأصل): "لا تنعقد به اليمين بمخلوق"، والمثبت من"م" و"ش" و"الرد على البكري".
(٤) ما بين المعقوفتين إضافة من: "الرد على البكري".
(٥) في "م" و"ش": "الإجماع".
(٦) في "ش": "بالله فيه".
(٧) تقديم تخريجه.