108

Kasf al-Gummat

كشف الغمة

Genres

فصل (مقتل مالك بن فهم)

وقيل: إن مالك بن فهم قتله ولده سليمة خطأ، وسبب ذلك، قيل: إن مالكا جعل على أولاده الحرس بالنوبة، كل ليلة على رجل منهم، ومعه جماعة مز خواصه وأمنائه، وكان سليمة أحب إخوته إلى (38) أبيه، وأحظاهم لديه، وأكرمهم عليه، وأرفعهم منزلة عنده، وكان يعلمه الرمي، حتى أحذق، وصار حاذقا ماهرا، فحسده إخوته لمكانه من أبيه، وكانوا يطلبون له عثرة مع أبيه، فلم يجدوا له عثرة. فأقبل ذات يوم نفر منهم إلى أبيهم، فقالوا: يا أبانا، إنك جعلت على كل واحد منا نوبة من الحرس، وكل منا قائم بنوبته، ما خلا أخانا سليمة، فإنه إذا كانت نوبته، انفرد عن أصحابه، وتشاغل بالنوم عن الحرس، فلا تكن لك منه كفاية ولا مغنى. وجعلوا يوهنون أمره، وينسبونه إلى العجز والتقصير. فقال أبوهم: إن كلا منكم قائم بما عليه، وليس من أحد منكم تقصير، وقد فهمت قولكم في ولدي سليمة، فإنه لم تزل الأخوة تحسد بعضها بعضا، لإيثار الآباء بعضهم على بعض، وإن ظني فيه، كعلمى به. فانصرفوا عنه، ولم يبلغوا ما أملوه.

ثم إن مالكا داخله الشك فيما تكلموا به من أمر سليمة، فأراد ليختبر دعواهم، فلما كانت نوبة سليمة في الحرس، وقد خرج سليمة في فرسان قومه، وكان من عادته، إذا خرج للحرس، انفرد عن أصحابه، وكمن قريبا من دار أبيه، فلما كانت تلك الليلة، خرج مع أصحابه، وانفرد عنهم كعادته، وكمن

مكانه الأول. وكان مالك (قد) خرج فى تلك الليلة متنكرا مستخفيا، لينظر هل يصح قول أولاده فى سليمة، وكان سليمة قد أخذته فى تلك الساعة سنة، وهو على ظهر فرسه، فلما رأى الفرس شحص مالك من بعيد، صهل،

Page 169