وهم دون الثرى، وقد يوهمون أنهم يعرفون، فإذا حكموا رأيت بهائم مرسله ونعائم مجفلة.
وهاأنذا منذ عشرين سنة أجالس الكبراء وأباحث العلماء وأكاثر الأدباء وأجاري
الشعراء،؛ بالجبال تارة وبالعراق مرة أخرى وآخذ من رواة محمد بن يزيد المبرد، وأكتب عن أصحاب أحمد بن يحيى ثعلب، فما رأيت من يعرف الشعر حق معرفته؛ وينتقده نقد جهابذته؛ غير الأستاذ الرئيس أبي الفضل بن العميد، أدام الله أيامه، وحصن لديه إنعامه، فإنه يتجاوز نقد الأبيات إلى نقد الحروف والكلمات، ولا يرضى بتهذيب المعنى حتى يطالب بتخير القافية والوزن. وعن مجلسه - أعلاه الله - أخذت ما أتعاطى من هذا الفن، وبأطراف كلامه تعلقت فيما أتحلى به من هذا الجنس.
وقد قال أبو عثمان الجاحظ: طلبت علم الشعر عند الأصمعي فألفيته لا يعرف إلا غريبة، فرجعت إلى الأخفش فوجدته لا يتقن إلا إعرابه، فعطفت على أبي عبيدة فرأيته لا ينقد إلا فيما اتصل بالأخبار وتعلق بالأيام والأنساب، فلم أظفر بما أردت إلا عند
1 / 31