بنقض ميثاقى، ثم إنى ألفت من البقاع بقعة، تشاكل ما خرجت منه، وطردت بما فعلت عنه، فأتذكر بالبساتين مرابع ربوعى، وأجرى عليه سواكب دموعي، وألوم نفسي التي كانت سببا لوقوعي، وأقول كلما ذكرت تفريق جموعي:
يَا دَارُ هَلْ يُقْضَى لنا بِرُجُوعِ ... وَيَعُودُ لِى يَا عَيْنُ طِيبَ هُجوعِى
يا سَادَة كادَ المَشُوق بِذِكْرِهِ ... يَقْضِى أَسًا في سَاعَةِ التَّوْدِيعِ
قَلْبِى لِيَومِ فِرَاقِكُمْ مُتَوجّعٌ ... وَارَحْمَتَاهُ لِقَلُبي المَوْجُوعِ
فٌرَّقْتُم مَا بَيْتَ عَيْنِى وَالكَرَى ... وَوَصَلْتُمُ بَيْنَ الأسى وَضُلُوعِى
جِسْمِى مَعِى وَالقَلْبُ بَيْنَ خِيَامِكُمْ ... ما ضرُّكُمْ لو كانَ ثَمَّ جَمِيعِى
وَإِذَا ذَكَرْتُ لياليًا سَلَفَتْ لَنَا ... في وَصْلِ أَحْبَابِى بَيْنَ ظِلِّ رُبُوعِى
فَأَكَادُ مِنْ حُرَقى أَدُوبُ صَبَابَةً ... لَوْلاَ يَجُودُ علىّ فَيْض دُمُوعِى
وَوَعَدتُّمُونِى في الحَيَاة بِزَوْرَةٍ ... فَتَضَاعَفَتْ حُرَقي وَزَادَ وُلُوعِى
إنْ كَانَ ذَنْبِى صَدَّنِى عَنْ وَصْلِكُمْ ... فإليكُمُ فٌقْرِى أَعَزُّ شَفِيعِى
مَاضِى القَطِيعَة لا يُعادُ وَمَا جَرَى ... كافٍ وَحُبِّى ذلّتى وَخُضُوعِى
فقال: تالله، لقد رثيت لمصابه، وبكيت لأوصابه، لأنه لا شىء أبكى من الاغتراب، بعد الاقتراب، ولا أنكى من الحجاب، بعد مشاهدة الأحباب.
1 / 86