Karahiyya Sadaqa Ghazal Hubb Zawaj
كراهية وصداقة وغزل وحب وزواج
Genres
فقالت نينا: «في تدهور.»
كانت الشمس قد هبطت الآن، تكاد تلمس حافة البحيرة. بعض الأشجار التي ما زالت محتفظة بأوراقها كانت تتوهج بلون الذهب، غير أن الدفء الصيفي لذلك الأصيل قد اختطف بعيدا. كانت كل شجيرات الزينة الصغيرة قبالة منزل مارجريت ملفوفة بأقمشة غليظة كالخيش، فبدت كأنها مومياوات.
هذه اللحظة من النهار أعادت إلى نينا ذكرى نزهات السير التي اعتادت هي ولويس القيام بها بعد يوم العمل في المدرسة وقبل موعد العشاء. نزهات كانت قصيرة بالضرورة نظرا لأن السماء كانت تلملم نور النهار، على طول الأزقة المحيطة بالبلدة، وبمحاذاة أسوار السكك الحديدية. وعلى الرغم من قصرها، كانت تلك النزهات تحتشد بكل تلك الملاحظات المحددة - سواء عبر عنها أم لا - التي تعلمتها أو تشربتها من لويس. كل أشكال وألوان الحشرات والزواحف والديدان والبزاقات والطحالب وأعواد البوص على قنوات الري والفطر الأبيض الطالع وسط العشب، آثار أقدام الحيوانات، الكرز الأسمر الصغير الحبات، التوت البري الأحمر؛ إنه مزيج عميق يتقلب ويظهر بوجه مختلف في كل يوم. وكل يوم خطوة جديدة نحو الشتاء، انكماش متزايد، ذبول.
المنزل الذي كان لويس ونينا يعيشان به كان قد بني في أربعينيات القرن التاسع عشر، وكان شديد القرب من الرصيف على طراز ذلك الزمن. إذا كنت في غرفة المعيشة أو غرفة الطعام يمكنك أن تسمع وقع خطوات المارة، ليس هذا فحسب، بل أيضا أحاديثهم بالخارج. توقعت نينا أن يكون لويس قد سمع صوت إغلاق باب السيارة.
دخلت البيت وهي تصفر، بأفضل ما يمكنها ذلك، لحن أغنية «انظروا ها قد أتى البطل المغوار»: «أنا فزت، فزت. مرحبا.» •••
لكن بينما كانت بالخارج كان لويس يموت. بل كان ينتحر، في حقيقة الأمر. على المنضدة الصغيرة المجاورة للفراش كانت هناك أربع عبوات بلاستيكية صغيرة، مغلفة بورق مفضض، كانت كل عبوة منها تحتوي على قرصين من مسكن قوي المفعول. كانت هناك عبوتان إضافيتان ملقتان بجانب تلك، لم تمس، ما زالت الكبسولات البيضاء بارزة من تحت الغطاء البلاستيكي، وحين التقطتهما نينا لاحقا رأت أن إحداهما تحمل علامات فوق الورق المفضض، كما لو أنه قد بدأ ينبشها بظفره، ثم أقلع عن هذا وكأنه قرر أنه تناول ما فيه الكفاية بالفعل، أو أنه كان في تلك اللحظة قد بدأ يغيب عن الوعي.
كوب شربه كان فارغا تقريبا. لا يوجد أي ماء مسكوب.
كان هذا أمرا قد تحدثا حوله. اتفقا على الخطة معا، ولكن دائما باعتبارها أمرا قد يحدث - أو سوف يحدث - في المستقبل. افترضت نينا أنها ستكون حاضرة، وأنه سيكون هناك طقس ما على سبيل تقدير اللحظة؛ موسيقى، ترتيب الوسائد وسحب مقعد إلى جوار الفراش حتى يتسنى لها أن تمسك بيده. غير أنه فاتها أمران: نفوره المطلق من الطقوس بكل أنواعها، والعبء الذي كانت تلك المشاركة ستضعه على كاهلها. وقد أثيرت أسئلة، وجرى تبادل الآراء، بشأن اعتبارها شريكة في الفعل.
وبإنهائه للأمر على هذا النحو، لم يترك لها إلا أقل القليل مما يستحق التكفل به.
بحثت عن رسالة صغيرة منه. ماذا كانت تظن أنها ستقول؟ فلم تكن بحاجة إلى أي توجيهات، وبلا شك لم تكن بحاجة إلى تفسير، فضلا عن اعتذار. لم يكن هناك شيء يمكن أن تخبرها به الرسالة، شيء لم تكن تعرفه من قبل. حتى السؤال، لماذا تعجل في ذلك؟ كان سؤالا يمكنها أن تخمن إجابته بنفسها؛ فقد تحدثا - أو تحدث هو - حول تلك العتبة، عتبة لا يمكن التساهل معها، نحو العجز أو الألم أو الاشمئزاز من الذات، وكم كان من المهم التعرف على تلك العتبة، وعدم تجاوزها. وليكن هذا عاجلا وليس آجلا.
Unknown page