Karahiyya Sadaqa Ghazal Hubb Zawaj
كراهية وصداقة وغزل وحب وزواج
Genres
نهضت وجلت في الشقة. لا يمكن للمرء أبدا أن ينعم النظر بالأماكن التي يعيش فيها الناس في أثناء وجودهم بداخلها.
كان المطبخ هو ألطف غرفة، على الرغم من عتمته المفرطة. زرعت كويني نبتة لبلاب حول النافذة التي تعلو المطبخ، ورشقت الملاعق الخشبية بحيث تبرز خارج إبريق جميل من فخار بلا يد، تماما كما اعتادت أن تنسقها السيدة فورجيلا. كان البيانو موضوعا في غرفة المعيشة، إنه البيانو ذاته الذي كان في غرفة المعيشة الأخرى. كان هناك مقعد مريح بمسندين وخزانة كتب مصنوعة من الآجر وأرففها من ألواح الخشب الرفيعة، ومشغل تسجيلات والكثير من الأسطوانات موضوعة على الأرضية. لا يوجد تليفزيون. لا مقعد هزاز بلون عسلي فاتح ولا ستائر منقوشة، ولا حتى المصباح الطويل الذي تزدان مظلته بمناظر يابانية. ومع ذلك فكل تلك الأشياء قد تم شحنها إلى تورونتو، في يوم كان يتساقط فيه الجليد. كنت قد عدت إلى البيت يومها في وقت تناول الغداء ورأيت شاحنة النقل. لم تستطع بيت أن تبعد نفسها عن نافذة الباب الأمامي. وأخيرا نسيت كل كبريائها الذي تحب إظهاره عادة أمام الغرباء، ففتحت الباب وصاحت برجال الشحن قائلة: «عودوا إلى تورونتو وأخبروه أنه لو أطل بوجهه بالقرب من هنا مرة أخرى فسوف يندم أشد الندم.»
لوح لها رجال الشحن في غبطة، كما لو أنهم اعتادوا هذا النوع من المشاهد، ولعلهم كذلك فعلا. لا بد أن نقل الأثاث يعرض المرء للكثير من الصخب والعنف.
ولكن أين ذهب كل شيء؟ قلت لنفسي إنه تم بيعه. لا بد أنه قد بيع. قال أبي إن السيد فورجيلا يجد صعوبة على ما يبدو في الاستقرار في تورونتو اعتمادا على مجال عمله، وقد قالت كويني شيئا بخصوص «تعسر الحال»، ما كانت لتكتب رسالتها إلى أبي إن لم يعانيا تعسر الحال.
لا بد أنهما قد باعا الأثاث قبل أن تكتب إليه.
على خزانة الكتب رأيت الموسوعة الموسيقية، والدليل العالمي إلى الأوبرا، وسير أعظم مؤلفي الموسيقى. وكذلك الكتاب العريض والرفيع بغلافه البديع - رباعيات عمر الخيام - الذي كانت السيدة فورجيلا غالبا ما تحتفظ به بجوار موضعها على الأريكة.
كان هناك كتاب آخر له غلاف مزخرف على نحو مشابه ولا أتذكر الآن عنوانه بدقة، لكن شيئا ما في عنوانه دفعني للظن بأنه ربما يروق لي. كلمة مثل «الروض» أو «العاطر»، فتحت الكتاب، ويمكنني أن أتذكر جيدا الجملة الأولى التي قرأتها: «كما أن المحظيات الصغيرات في جناح الحريم كن يتعلمن الاستخدام البارع لأظافر أناملهن.»
لم أكن متأكدة من معنى محظية، غير أن كلمة «حريم» (لماذا ليست حاريم؟) أعطتني إشارة على المعنى. وكان علي أن أواصل القراءة كي أكتشف ما الذي كن يتعلمن فعله بأظافرهن. رحت أقرأ وأقرأ، لمدة ساعة ربما، ثم تركت الكتاب يسقط على الأرضية. ساورتني مشاعر الإثارة، والتقزز، وعدم التصديق. هل هذه هي نوعية الأمور التي تثير اهتمام الأشخاص الناضجين حقا؟ حتى تصميم الغلاف، بدوالي العنب الملتفة والملتوية بعضها حول بعض، بدت لي عدوانية وفاسدة قليلا. التقطت الكتاب لأعيده إلى موضعه فسقط مفتوحا ليكشف الاسمين المكتوبين على صفحته الأولى البيضاء. ستان وماري جولد فورجيلا، مكتوبان بخط أنثوي. ستان وماري جولد.
استعدت ذكرى الجبين الأبيض العالي للسيدة فورجيلا، وشعرها ذي التجاعيد الصغيرة المحكمة بلونيه الأسود والرمادي، وقرطيها من فصي لؤلؤ، وبلوزاتها المعقودة عند الرقبة بربطة على شكل فراشة. كانت أطول قامة بقليل من السيد فورجيلا، وظن الناس أن هذا هو السبب وراء عدم خروجهما معا، غير أن السبب الحقيقي كان أنها تلهث وتتقطع أنفاسها. تلهث وهي تصعد الدرج، أو وهي تعلق الثياب على حبل الغسيل. وفي نهاية الأمر صارت تلهث حتى وهي جالسة إلى الطاولة تلعب سكرابل.
في أول الأمر لم يكن أبي يسمح لنا بأن نأخذ منها أي نقود مقابل أن نشتري لها البقالة أو أن ننشر لها غسيلها، قائلا إن هذا حق الجيرة فحسب.
Unknown page