221

امره فاسال عنه اوضحه لك قال فابلس بن ابي العوجاء ولم يدر ما يقول فانصرف من بين يديه فقال لاصحابه سألتكم ان تلتمسوا خمرة فالقيتموني على جمرة فقالوا له اسكت فو الله لقد فضحتنا بحيرتك وانقطاعك وما رأينا احقر منك اليوم في مجلسه فقال الي تقولون هذا انه ابن من حلق رؤوس من ترون واومى بيده الى أهل الموسم وفي هذا الخبر كفاية لمن تدبره وغنى في هذه المسألة لمن تصوره واعلم انه لا فرق في العقول بين ان ترد العبادة بصلاة فيها ركوع وسجود وقيام وقعود وبين ان ترد بطواف وسعي وهرولة ومشي ونحو ذلك من اسباب الخشوع وافعال الخضوع ولا فرق ايضا بين ورودها باغتسال وصيام وبين ورودها بحلق الراس والاحرام بل لا فرق بين المشي الى مواضع العبادة والسجود على التكرار وبين السعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار كل ذلك على حد واحد في التجويز وطريق مستمر في امكان ما يرد به التكليف ولسنا نجد أهل ملة ولا ذوي نحلة إلا ولهم عبادات من هذا الجنس وان اختلفت في الوصف وبعد فقد نرى العدو الشديد في بعض الاحيان يكون من التعظيم والاجلال وذاك ان ذا المنزلة الكبيرة والرتبة الجليلة إذا رآه من دونه توجه نحوه مسرعا وعدا إليه مهرولا لائذا به مقبلا لديه فيكون فيما فعله قد عظمه وفضله وسواء سعيت الى من تريد تعظيمه فتذللت بين يديه وخضعت له أو سعيت حيث امرك فتذللت به وخضعت عنده لا يختلف ذلك في احكام العقول ولا يتعجب منه وينكره إلا من فقد التحصيل والف ترك التمييز على ان منكر هذه العبادة والمتعجب منها إذا لم يقر بعبادة غيرها يجانسها لا يقدر على انكار ما نشاهده من العقلاء في بعض الاحيان من الافعال المضاهية لافعال المجان وهم فيها مصيبون وللمصلحة قاصدون مثل رجل خصيف لبيب حكيم لا يحسن منه العدو الشديد راى طفلا يكاد يهوى الى بئر فعدى املا في وجه لتخليصه وهرول غاية قدرته لانقاذه فحسن ذلك منه وان لم تجر به عادته وكان مشكورا عليه لصواب غرضه فيه ورجل دخل الماء في اذنه فاجتهد في اخراجه بان وقف على احدى رجليه وامال راسه الى ناحيتها وقفز عدة دفعات عليها ليخرج الماء من اذنه ويامن ما يخشاه من ضرره فلا ينقصه ذلك من فضله

--- [ 222 ]

Page 221