al-Kamil fi al-tarih

Ibn al-Atir d. 630 AH
78

al-Kamil fi al-tarih

الكامل في التاريخ

Investigator

عمر عبد السلام تدمري

Publisher

دار الكتاب العربي

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٧هـ / ١٩٩٧م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

History
مِنْ عَادٍ بِالظَّعْنِ وَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَتَدْمَغُهُمْ بِالْحِجَارَةِ. وَعَادَ وَفْدُ عَادٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ فَنَزَلُوا عَلَيْهِ، فَأَتَاهُمْ رَجُلٌ عَلَى نَاقَةٍ فَأَخْبَرَهُمْ بِمُصَابِ عَادٍ وَسَلَامَةِ هُودٍ. قَالَ: وَكَانَ قَدْ قِيلَ لِلُقْمَانَ بْنِ عَادٍ: اخْتَرْ لِنَفْسِكَ إِلَّا أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى الْخُلُودِ. فَقَالَ: يَا رَبِّ أَعْطِنِي عُمُرًا. فَقِيلَ لَهُ: اخْتَرْ. فَاخْتَارَ عُمُرَ سَبْعَةِ أَنْسُرٍ. فَعُمِّرَ فِيمَا يَزْعُمُونَ عُمُرَ سَبْعَةِ أَنْسُرٍ، فَكَانَ يَأْخُذُ الْفَرْخَ الذَّكَرَ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْضَتِهِ حَتَّى إِذَا مَاتَ أَخَذَ غَيْرَهُ، وَكَانَ يَعِيشُ كُلُّ نَسْرٍ ثَمَانِينَ سَنَةً، فَلَمَّا مَاتَ السَّابِعُ مَاتَ لُقْمَانُ مَعَهُ، وَكَانَ السَّابِعُ يُسَمَّى لُبَدًا. قَالَ: وَكَانَ عُمُرُ هُودٍ مِائَةً وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَقَبْرُهُ بِحَضْرَمَوْتَ، وَقِيلَ بِالْحِجْرِ مِنْ مَكَّةَ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَرْسَلَ اللَّهُ طَيْرًا سُودًا فَنَقَلَتْهُمْ إِلَى الْبَحْرِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ﴾ [الأحقاف: ٢٥] . وَلَمْ تَخْرُجْ رِيحٌ قَطُّ إِلَّا بِمِكْيَالٍ إِلَّا يَوْمَئِذٍ فَإِنَّهَا عَتَتْ عَلَى الْخَزَنَةِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٦] . وَكَانَتِ الرِّيحُ تَقْلَعُ الشَّجَرَةَ الْعَظِيمَةَ بِعُرُوقِهَا وَتَهْدِمُ الْبَيْتَ عَلَى مَنْ فِيهِ. وَأَمَّا ثَمُودُ فَهُمْ وَلَدُ ثَمُودَ بْنِ جَاثِرِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامٍ، وَكَانَتْ مَسَاكِنُ ثَمُودَ بِالْحِجْرِ بَيْنَ الْحِجَازِ، وَالشَّامِ، وَكَانُوا بَعْدَ عَادٍ قَدْ كَثُرُوا، وَكَفَرُوا، وَعَتَوْا، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ صَالِحَ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ أَسِفِ بْنِ مَاشِجَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ جَادِرِ بْنِ ثَمُودَ، وَقِيلَ: أَسِفِ بْنِ كَمَاشِجَ بْنِ إِرَمَ بْنِ ثَمُودَ - يَدْعُوهُمْ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِفْرَادِهِ بِالْعِبَادَةِ فَقَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا الْآيَةَ، وَكَانَ اللَّهُ قَدْ أَطَالَ أَعْمَارَهُمْ حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ يَبْنِي الْبَيْتَ مِنَ الْمَدَرِ فَيَنْهَدِمُ وَهُوَ حَيٌّ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ اتَّخَذُوا مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ فَنَحَتُوهَا، وَكَانُوا فِي سَعَةٍ مِنْ مَعَايِشِهِمْ، وَلَمْ يَزَلْ صَالِحٌ يَدْعُوهُمْ فَلَمْ يَتْبَعْهُ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ، فَلَمَّا أَلَحَّ عَلَيْهِمْ بِالدُّعَاءِ، وَالتَّحْذِيرِ، وَالتَّخْوِيفِ سَأَلُوهُ، فَقَالُوا: يَا صَالِحُ، اخْرُجْ

1 / 82