100

al-Kamil fi al-tarih

الكامل في التاريخ

Investigator

عمر عبد السلام تدمري

Publisher

دار الكتاب العربي

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٧هـ / ١٩٩٧م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

History
لِشَرَفِهِمْ وَقُرْبِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى: وَإِنْ كَانَ لِكَثْرَةِ مُلْكِهِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ مُسْتَقِلًّا، وَلَوْ مَلَكَ مُسْتَقِلًّا لَكَانَ الْإِسْكَنْدَرُ أَكْثَرَ مُلْكًا مِنْهُ وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا. قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ إِلَى نُمْرُودَ بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ مَلَكًا يَدْعُوهُ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَأَبَى، وَقَالَ: أَرَبٌّ غَيْرِي؟ فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: اجْمَعْ جُمُوعَكَ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَجَمَعَ جُمُوعَهُ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابًا مِنَ الْبَعُوضِ، فَطَلَعَتِ الشَّمْسُ فَلَمْ يَرَوْهَا مِنْ كَثْرَتِهَا فَبَعَثَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَأَكَلَتْهُمْ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا الْعِظَامُ، وَالْمَلِكُ كَمَا هُوَ لَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَعُوضَةً فَدَخَلَتْ فِي مِنْخَرِهِ فَمَكَثَ يَضْرِبُ رَأْسَهُ بِالْمَطَارِقِ فَأَرْحَمُ النَّاسِ بِهِ مَنْ يَجْمَعُ يَدَيْهِ وَيَضْرِبُ بِهِمَا رَأْسَهُ، وَكَانَ مُلْكُهُ ذَلِكَ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ، وَأَمَاتَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ الَّذِي بَنَى الصَّرْحَ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: إِنَّ نُمْرُودَ بْنَ كَنْعَانَ مَلَكَ مَشْرِقَ الْأَرْضِ وَمَغْرِبَهَا، وَهَذَا قَوْلٌ يَدْفَعُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ، وَأَخْبَارِ الْمُلُوكِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يُنْكِرُونَ أَنَّ مَوْلِدَ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أَيَّامَ الضَّحَّاكِ الَّذِي ذَكَرْنَا بَعْضَ أَخْبَارِهِ فِيمَا مَضَى، وَأَنَّهُ كَانَ مَلَكَ شَرْقَ الْأَرْضِ وَغَرْبَهَا. وَقَوْلُ الْقَائِلِ إِنَّ الضَّحَّاكَ الَّذِي مَلَكَ الْأَرْضَ هُوَ نُمْرُودُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ الْمُتَقَدِّمِينَ يَذْكُرُونَ أَنَّ نَسَبَ نُمْرُودَ فِي النَّبَطِ مَعْرُوفٌ، وَأَنَّ نَسَبَ الضَّحَّاكِ فِي الْفُرْسِ مَشْهُورٌ، وَإِنَّمَا الضَّحَّاكُ اسْتَعْمَلَ نُمْرُودَ عَلَى السَّوَادِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً وَجَعَلَهُ وَوَلَدَهُ عُمَّالًا عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ هُوَ يَتَنَقَّلُ فِي الْبِلَادِ، وَكَانَ وَطَنُهُ وَوَطَنُ أَجْدَادِهِ دُنْبَاوَنْدَ مِنْ جِبَالِ طَبَرِسْتَانَ، وَهُنَاكَ رَمَى بِهِ أَفْرِيدُونُ حِينَ ظَفِرَ بِهِ، وَكَذَلِكَ بُخْتُنَصَّرُ. ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مَلَكَ الْأَرْضَ جَمِيعَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَانَ إِصْبَهْبَذَ مَا بَيْنَ الْأَهْوَازَ إِلَى أَرْضِ الرُّومِ مِنْ غَرْبِيِّ دِجْلَةَ مِنْ قِبَلِ لَهُرَاسِبَ، لِأَنَّ لَهُرَاسِبَ كَانَ مُشْتَغِلًا بِقِتَالِ

1 / 104