خرج البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أنس ﵁ قَالَ كَانَ النَّبِي ﷺ ومعاذ رديفه على الرحل فَقَالَ يَا معَاذ قَالَ لبيْك يَا رَسُول الله وَسَعْديك قَالَ يَا معَاذ قَالَ لبيْك يَا رَسُول الله وَسَعْديك قَالَ مَا من عبد يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله إِلَّا حرمه الله النَّار قَالَ يَا رَسُول الله أَلا أخبر بهَا النَّاس فيستبشروا قَالَ إِذا
1 / 7
يتكلوا فَأخْبر بهَا معَاذ عِنْد مَوته تأثما
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عتْبَان بن مَالك رضى الله عَنهُ عَن النَّبِي ﷺ قَالَ إِن الله حرم على النَّار من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله يَبْتَغِي بذلك وَجه الله وَفِي صَحِيح مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة
1 / 8
أَو أبي سعيد بِالشَّكِّ أَنهم كَانُوا مَعَ النَّبِي ﷺ فِي غَزْوَة تَبُوك فَأَصَابَتْهُمْ مجاعَة فَدَعَا النَّبِي ﷺ بنطع فبسطه ثمَّ دَعَا بِفضل أَزْوَادهم فَجعل الرجل يَجِيء بكف ذرة وَيَجِيء الآخر بكف تمر وَيَجِيء الآخر بكسرة حَتَّى اجْتمع على النطع من ذَلِك شَيْء يسير فَدَعَا رَسُول الله ﷺ بِالْبركَةِ ثمَّ قَالَ خُذُوا فِي أوعيتكم فَأخذُوا فِي أوعيتهم حَتَّى مَا تركُوا فِي الْعَسْكَر وعَاء إِلَّا ملؤوه فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وفضلت فضلَة فَقَالَ رَسُول الله ﷺ
أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله لَا يلقى الله بهما عبد غير شَاك فيهمَا فيحجب عَن الْجنَّة
1 / 9
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي ذَر ﵁ عَن النَّبِي ﷺ
قَالَ مَا من عبد قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ مَاتَ على ذَلِك إِلَّا دخل الْجنَّة قلت وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ وَإِن زنى وَإِن سرق قلت وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ وَإِن زنى وَإِن سرق ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَة على رغم أنف أبي ذَر قَالَ فَخرج أَبُو ذَر وَهُوَ يَقُول وَإِن رغم أنف أبي ذَر
1 / 10
وَفِي صَحِيح مُسلم عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَنه قَالَ عِنْد مَوته سَمِعت رَسُول الله ﷺ يَقُول
من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله حُرْمَة الله على النَّار
وَفِي صَحِيح مُسلم عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَنه قَالَ عِنْد مَوته سَمِعت رَسُول الله ﷺ يَقُول من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ وَأَن الْجنَّة حق وَالنَّار حق أدخلهُ الله الْجنَّة على مَا كَانَ من الْعَمَل
1 / 11
وَفِي هَذ ١ الْمَعْنى أَحَادِيث كَثِيرَة يطول ذكرهَا
وَأَحَادِيث هَذَا الْبَاب نَوْعَانِ
= أَحدهمَا مَا فِيهِ أَن من أَتَى بِالشَّهَادَتَيْنِ دخل الْجنَّة وَلم يحجب عَنْهَا وَهَذَا ظَاهر فَإِن النَّار لَا يخلد فِيهَا أحد من أهل التَّوْحِيد الْخَالِص وَقد يدْخل الْجنَّة وَلَا يحجب عَنْهَا إِذا طهر من ذنُوبه بالنَّار
وَحَدِيث أبي ذَر مَعْنَاهُ أَن الزِّنَى وَالسَّرِقَة لَا يمنعان دُخُول الْجنَّة مَعَ التَّوْحِيد وَهَذَا حق لَا مرية فِيهِ لَيْسَ فِيهِ أَنه لَا يعذب عَلَيْهِمَا مَعَ التَّوْحِيد
وَفِي مُسْند الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة ﵁ مَرْفُوعا من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله نفعته يَوْمًا من دهره يُصِيبهُ قبل ذَلِك مَا أَصَابَهُ
الثَّانِي مَا فِيهِ أَنه يحرم على النَّار وَهَذَا قد حمله بَعضهم على الخلود فِيهَا أَو على نَار يخلد فِيهَا أَهلهَا وَهِي مَا عدا
1 / 12
لدرك الْأَعْلَى فَأَما الدَّرك الْأَعْلَى يدْخلهُ خلق كثير من عصاة الْمُوَحِّدين بِذُنُوبِهِمْ ثمَّ يخرجُون بشفاعة الشافعين وبرحمة أرْحم الرَّاحِمِينَ
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ إِن الله تعإلى يَقُول وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لأخْرجَن من النَّار من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله
وَقَالَت طَائِفَة من الْعلمَاء المُرَاد من هَذِه الْأَحَادِيث أَن لَا إِلَه إِلَّا الله سَبَب لدُخُول الْجنَّة والنجاة من النَّار ومقتض لذَلِك وَلَكِن الْمُقْتَضِي لَا يعْمل عمله إِلَّا باستجماع شُرُوطه وَانْتِفَاء موانعه فقد يتَخَلَّف عَنهُ مُقْتَضَاهُ لفَوَات شَرط من شُرُوطه أَو لوُجُود مَانع وَهَذَا قَول الْحسن ووهب ابْن مُنَبّه وَهُوَ الْأَظْهر
1 / 13
وَقَالَ الْحسن للفرزدق وَهُوَ بدفن امْرَأَته أَنه ماأعددت لهَذَا الْيَوْم قَالَ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله مُنْذُ سبعين سنة قَالَ الْحسن نعم العده لَكِن ل لَا إِلَه الإ الله شُرُوطًا فإياك وَقذف المحصنة
وَقيل لِلْحسنِ إِن أُنَاسًا يَقُولُونَ من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة فَقَالَ من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله فَأدى حَقّهَا وفرضها دخل الْجنَّة
وَقَالَ وهب بن مُنَبّه لمن سَأَلَهُ أَلَيْسَ لَا إِلَه إِلَّا الله مِفْتَاح الْجنَّة قَالَ بلَى وَلَكِن مَا من مِفْتَاح إِلَّا لَهُ أَسْنَان فَإِن جِئْت بمفتاح لَهُ أَسْنَان فتح لَك وَإِلَّا لم يفتح لَك
وَفِي هَذَا الحَدِيث إِن مِفْتَاح الْجنَّة لَا إِلَه إِلَّا الله خرجه الإِمَام أَحْمد بِإِسْنَاد مُنْقَطع
وَعَن معَاذ قَالَ قَالَ لي رَسُول الله ﷺ إِذا سَأَلَك أهل
1 / 14
الْيمن عَن مِفْتَاح الْجنَّة فَقل شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَيدل على صِحَة هَذَا القَوْل أَن النَّبِي ﷺ رتب دُخُول الْجنَّة على الْأَعْمَال الصَّالِحَة فِي كثير من النُّصُوص
كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي أَيُّوب أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله أَخْبرنِي بِعَمَل يدخلني الْجنَّة فَقَالَ تعبد الله لَا تشرك بِهِ شَيْئا وتقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة وَتصل الرَّحِم
وَفِي صيحيح مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رجلا قَالَ يارسول الله دلَّنِي على عمل إِذا عملته دخلت الْجنَّة
قَالَ تعبد الله لاتشرك بِهِ شَيْئا وتقيم الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وَتُؤَدِّي الزكاه الْمَفْرُوضَة وتصوم رَمَضَان فَقَالَ الرجل وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا أَزِيد على هَذَا شَيْئا وَلَا أنقص مِنْهُ
1 / 15
فَقَالَ النَّبِي ﷺ من سره أَن ينظر إِلَى رجل من أهل الْجنَّة فَلْينْظر إِلَى هَذَا
وَفِي الْمسند عَن بشير بن الخصاصية قَالَ أتيت النَّبِي ﷺ لَا بَايعه فَاشْترط عَليّ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَن أقيم الصَّلَاة وَأَن أؤدي الزَّكَاة وَأَن أحج حجَّة الْإِسْلَام وَأَن أَصوم شهر رَمَضَان وَأَن أجاهد فِي سَبِيل الله فَقلت يَا رَسُول الله أما اثْنَتَيْنِ فوَاللَّه لَا أطيقهما الْجِهَاد وَالصَّدََقَة فأنهم زَعَمُوا أَنه من ولى الدبر فقد بَاء بغضب من الله فَأَخَاف إِن حضرت تِلْكَ جشمت نَفسِي وكرهت الْمَوْت وَالصَّدََقَة فوَاللَّه مَالِي إِلَّا غنيمَة وَعشر ذود هن رسل أَهلِي
1 / 16
وحمولتهن قَالَ فَقبض رَسُول الله ﷺ يَده ثمَّ حركها ثمَّ قَالَ فَلَا جِهَاد وَلَا صَدَقَة فَبِمَ تدخل الْجنَّة إِذا قلت يارسول الله أُبَايِعك فَبَايَعته عَلَيْهِنَّ كُلهنَّ
فَفِي هَذَا الحَدِيث أَن الْجِهَاد وَالصَّدََقَة شَرط فِي دُخُول الْجنَّة مَعَ حُصُول التَّوْحِيد وَالصَّلَاة وَالصِّيَام وَالْحج
وَنَظِير هَذَا ان النَّبِي ﷺ قَالَ
أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يشْهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله ففهم عمر وَجَمَاعَة من الصَّحَابَة أَن من أَتَى بِالشَّهَادَتَيْنِ امْتنع من عُقُوبَة الدُّنْيَا بِمُجَرَّد ذَلِك فتوقفوا فِي قتال مَانع الزَّكَاة وَفهم الصّديق أَنه لَا يمْتَنع قِتَاله إِلَّا بأَدَاء حُقُوقهَا لقَوْله ﷺ
1 / 17
فاذا فعلوا ذَلِك منعُوا مني دِمَاءَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وحسابهم على الله وَقَالَ الزَّكَاة حق المَال
وَهَذَا الَّذِي فهمه الصّديق قد رَوَاهُ عَن النَّبِي ﷺ صَرِيحًا غير وَاحِد من الصَّحَابَة مِنْهُم ابْن عمر وَأنس وَغَيرهمَا وَأَنه قَالَ
أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يشْهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله ويقيموا الصَّلَاة ويؤتوا الزَّكَاة وَقد دلّ على ذَلِك قَوْله تعإلى ﴿فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة فَخلوا سبيلهم﴾ كَمَا دلّ قَوْله تعإلى ﴿فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة فإخوانكم فِي الدّين﴾ على أَن الْأُخوة فِي الدّين
1 / 18
لَا تثبت إِلَّا بأَدَاء الْفَرَائِض مَعَ التَّوْحِيد فان التَّوْبَة من الشّرك لَا تحصل إِلَّا بِالتَّوْحِيدِ
فَلَمَّا قرر أَبُو بكر هَذَا للصحابة رجعُوا إِلَى قَوْله ورأوه صَوَابا
فاذا علم أَن عُقُوبَة الدُّنْيَا لَا ترفع عَمَّن أدّى الشَّهَادَتَيْنِ مُطلقًا بل يُعَاقب باخلاله بِحَق من حُقُوق الْإِسْلَام فَكَذَلِك عُقُوبَة الْآخِرَة
وَقد ذهب طَائِفَة إِلَى أَن هَذِه الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة أَولا وَمَا فِي مَعْنَاهَا كَانَت قبل نزُول الْفَرَائِض وَالْحُدُود مِنْهُم الزُّهْرِيّ وَالثَّوْري وَغَيرهمَا وَهَذَا بعيد جدا فان كثيرا مِنْهَا كَانَ
1 / 19
بِالْمَدِينَةِ بعد نزُول الْفَرَائِض وَالْحُدُود وَفِي بَعْضهَا أَنه كَانَ فِي غَزْوَة تَبُوك وَهِي فِي آخر حَيَاة النَّبِي ﷺ
وَهَؤُلَاء مِنْهُم من يَقُول فِي هَذِه الْأَحَادِيث إِنَّهَا مَنْسُوخَة وَمِنْهُم من يَقُول هِيَ محكمَة وَلَكِن ضم إِلَهًا شَرَائِط ويلتفت هَذَا إِلَى أَن الزِّيَادَة على النَّص هَل هِيَ نسخ أم لَا وَالْخلاف فِي ذَلِك بَين الْأُصُولِيِّينَ مَشْهُور وَقد صرح الثَّوْريّ وَغَيره بِأَنَّهَا مَنْسُوخَة وَأَنه نسخهَا الْفَرَائِض وَالْحُدُود وَقد يكون مُرَادهم بالنسخ الْبَيَان والإيضاح فان السّلف كَانُوا يطلقون النّسخ على مثل ذَلِك كثيرا وَيكون مقصودهم أَن آيَات الْفَرَائِض وَالْحُدُود تبين بهَا توقف دُخُول الْجنَّة والنجاة من النَّار على فعل الْفَرَائِض وَاجْتنَاب الْمَحَارِم فَصَارَت تِلْكَ النُّصُوص مَنْسُوخَة أَي مبينَة مفسرة ونصوص الْحُدُود والفرائض ناسخة أَي مفسرة لِمَعْنى تِلْكَ مُوضحَة لَهَا
1 / 20
وَقَالَت طَائِفَة تِلْكَ النُّصُوص الْمُطلقَة قد جَاءَت مُقَيّدَة فِي أَحَادِيث أخر فَفِي بَعْضهَا
من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله مخلصا وَفِي بَعْضهَا مُسْتَيْقنًا وَفِي بَعْضهَا يصدق لِسَانه وَفِي بَعْضهَا يَقُولهَا حَقًا من قلبه وَفِي بَعْضهَا قد ذل بهَا لِسَانه وَاطْمَأَنَّ بهَا قلبه
وَهَذَا كُله إِشَارَة إِلَى عمل الْقلب وتحققه بِمَعْنى الشَّهَادَتَيْنِ فتحقيقه بقول لَا إِلَه إِلَّا الله أَن لَا يأله الْقلب غير الله حبا ورجاء وخوفا وتوكلا واستعانة وخضوعا وإنابة وطلبا وتحقيقه بِأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله أَلا يعبد الله بِغَيْر مَا شَرعه الله على لِسَان مُحَمَّد ﷺ وَقد جَاءَ هَذَا الْمَعْنى مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي ﷺ صَرِيحًا أَنه قَالَ من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله مخلصا دخل الْجنَّة
1 / 21
قيل مَا إخلاصها يَا رَسُول الله قَالَ أَن تحجزك عَمَّا حرم
1 / 22
الله عَلَيْك وَهَذَا يرْوى من حَدِيث أنس بن مَالك وَزيد بن أَرقم وَلَكِن إسنادهما لَا يَصح وَجَاء أَيْضا من مَرَاسِيل الْحسن بِنَحْوِهِ
وَتَحْقِيق هَذَا الْمَعْنى وإيضاحه أَن قَول العَبْد لَا إِلَه إِلَّا الله يَقْتَضِي أَن لَا إِلَه لَهُ غير الله وإلآله هُوَ الَّذِي يطاع فَلَا يعْصى هَيْبَة لَهُ وإجلالا ومحبة وخوفا ورجاء وتوكلا عَلَيْهِ وسؤالا مِنْهُ وَدُعَاء لَهُ وَلَا يصلح ذَلِك كُله إِلَّا لله ﷿ فَمن أشرك مخلوقا فِي شَيْء من هَذِه الْأُمُور الَّتِي هِيَ من خَصَائِص الآلهيه كَانَ ذَلِك قدحا فِي إخلاصه فِي قَول لَا إِلَه إِلَّا الله ونقصا فِي توحيده وَكَانَ فِيهِ من عبودية الْمَخْلُوق بِحَسب مَا فِيهِ
1 / 23
من ذَلِك وَهَذَا كُله من فروع الشّرك وَلِهَذَا ورد إِطْلَاق الْكفْر ولاشرك على كثر من الْمعاصِي الَّتِي منشؤها من طَاعَة غير الله أَو خَوفه أَو رجائه أَو التَّوَكُّل عَلَيْهِ وَالْعَمَل لأَجله كَمَا ورد إِطْلَاق الشّرك على الرِّيَاء وعَلى الْحلف بِغَيْر الله وعَلى التَّوَكُّل على غير الله والإعتماد عَلَيْهِ وعَلى من سوى بَين الله وَبَين الْمَخْلُوق فِي الْمَشِيئَة مثل أَن يَقُول مَا شَاءَ الله وَشاء فلَان وَكَذَا قَوْله مَالِي إِلَّا الله وَأَنت وَكَذَلِكَ مَا يقْدَح فِي التَّوْحِيد وَتفرد الله بالنفع والضر كالطيرة والرقى الْمَكْرُوهَة وإيتان الْكُهَّان وتصديقهم بِمَا يَقُولُونَ وَكَذَلِكَ اتِّبَاع هوى النَّفس فِيمَا نهى الله عَنهُ قَادِح فِي تَمام التَّوْحِيد وكماله وَلِهَذَا أطلق الشَّرْع على كثير من الذُّنُوب الَّتِي منشؤها من هوى النَّفس أَنَّهَا كفر وشرك كقتال الْمُسلم وَمن أَتَى حَائِضًا أَو امْرَأَة فِي
1 / 24
دبرهَا وَمن شرب الْخمْرَة فِي الْمرة الرَّابِعَة وَإِن كَانَ ذَلِك لَا يُخرجهُ عَن الْملَّة وَلِهَذَا قَالَ السّلف كفردون كفر وشرك دون شرك
وَقد ورد إِطْلَاق الآله على الْهوى المتبع قَالَ الله تعإلى ﴿أَفَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ﴾ قَالَ هُوَ الَّذِي لَا يهوى شَيْئا إِلَّا رَكبه وَقَالَ قَتَادَة هُوَ الَّذِي كلما هوي شَيْئا رَكبه
1 / 25
وَكلما اشْتهى شَيْئا أَتَاهُ لَا يحجزه عَن ذَلِك ورع وَلَا تقوى
وَرُوِيَ من حَدِيث أبي أُمَامَة باسناد ضَعِيف مَا تَحت ظلّ سَمَاء إِلَه يعبد أعظم عِنْد الله من هوى مُتبع
وَفِي حَدِيث أخر لَا تزَال لَا إِلَه إِلَّا الله تدفع عَن أَصْحَابهَا حَتَّى يؤثرون دنياهم على دينهم فاذا فعلوا ذَلِك ردَّتْ عَلَيْهِم وَيُقَال لَهُم كَذبْتُمْ
وَيشْهد لذَلِك الحَدِيث الصَّحِيح عَن النَّبِي ﷺ تعس عبد الدِّينَار تعس عبد الدِّرْهَم تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة تعس وانتكس وَإِذا شيك فَلَا انتقش فَدلَّ
1 / 26