109

Kaff Ricac

كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع

Investigator

عبد الحميد الأزهري

Edition Number

الاولى

الشَّبَّابَة مع كونها لهوًا يصدُّ عن ذِكر الله وعَن الصلاة مع الميل إلى أوطار النُّفوس ولذَّاتها، فهي بالتحريم أحقُّ وأولى، وهو مُقتَضى كلام العراقيين؛ فإنهم قالوا: الأصوات المكتسبة بالآلات ثلاثةُ أضرب: ضَرْب محرَّم وهي التي تطرب من غير غِناء؛ كالعيدان والطنابير والمَزَامِير، انتهى. (تَنْبِيه ثالث) اختلف الحفَّاظ فِي حديث نافع الذي هو أصْل الخلاف فِي الشَّبَّابَة وهو: "أنَّ ابنَ عمرَ سمع صوتَ زمَّارة راعٍ، فجعَل أصبعيه في أذنَيْه، وعدل عن الطريق، وجعل يقولُ: يا نافع، أتسمَعُ؟ فأقول: نعم، فلمَّا قلت: لا، رجَع إلى الطريق ثم قال: هكذا رأيتُ رسول الله ﷺ يفعَلُه". وفي روايةٍ: "أنَّ ابن عمر سمع مِزمارًا فوضَع أصبعَيْه في أذنَيْه، ونأى عن الطريق وقال لي: يا نافعُ، هل تسمع شيئًا؟ قلت: لا، فرفَع أصبعَيْه عن أذنَيْه وقال: كنت مع النبي ﷺ فصنَع مثل هذا" (١)، فقال أبو داود: إنَّه حديث منكر، وخالَفَه ابن حبان فخرَّجَه فِي صحيحه، ووافَقَه الحافظ محمد بن نصر السلامي فإنَّه سُئِل عنه فقال: هو حديثٌ صحيح. وكان ابن عمر بالغًا إذ ذاك عمره سبع عشرة سنة، وقال: هذا من الشارع ﷺ ليعرف أمَّته أنَّ استماع الزَّمَّارَة والشَّبَّابَة وما يقومُ مقامهما محرَّم عليهم استماعُه، ورخَّص في ذلك لابن عمر لأنَّه حالة ضرورة، ولا يمكن إلا ذاك، وقد تُباح المحظورات للضرورات، قال: ومَن رخَّص فِي ذلك - أي: فأباح الشَّبَّابَة - فهو مخالفٌ للسنَّة، انتهى.

(١) أخرجه أبو داود (٤٩٢٤)، وأحمد (٢/ ٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٢٢)، وأبو نعيم في "الحلية" (٦/ ١٢٩)، وابن سعد في "الطبقات" (٤/ ١٦٣)، وصحَّحه ابن حبان (٦٩٣) (٢/ ٤٦٨) وقال أبو داود: هذا حديث منكر، وابن ماجَهْ (١٩٠١) بلفظ: عنْ مجاهِدٍ قال: كنت مع ابن عمر فسمع صوت طبل.

1 / 109