مقدمة
...
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
بعد أن تقرر أن تعقد جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مؤتمرا باسم الشيخ محمد بن عبد الوهاب، شكلت أمانة للإعداد لهذا المؤتمر، وتقديم تصور مفصل عنه، ثم وضعه موضع التنفيذ.
وقد بدأت الأمانة عملها بتحديد الهدف العام للمؤتمر بأنه التعريف بالشيخ، وتجلية حقيقة دعوته على مستوى العالم الإسلامي، وكشف الشبهات التي أثيرت حولها في بعض البلدان الإسلامية وفي ظل ظروف تاريخية معينة.
وفي سبيل تحقيق هذا الهدف – بصورة علمية صحيحة - رأت الأمانة ضرورة جمع كافة ما كتبه الشيخ من مؤلفات، وتحقيق نسبتها إليه، وتوثيقها، ثم نشرها في طبعة خاصة باسم الجامعة، لترسل نسخ منها بعد ذلك إلى الهيئات والباحثين الذين ستوجه إليهم الدعوة للإسهام في المؤتمر.
وقد راعت الأمانة في ذلك أن كثيرا من الباحثين في البلدان الإسلامية لا تتوافر لديهم مؤلفات الشيخ وآثاره العلمية مما يكون له أثر واضح بلا شك
1 / 3
في قصور أو نقص أو خطأ بعض ما قد يكتبونه عن دعوة الشيخ، ومن ثم
فلا بد أن تتوافر لديهم آثار الشيخ الصحيحة بصورة موثقة حتى يمكنهم التعرف على حقيقة دعوته والكتابة الموضوعية العلمية عنها.
ومن ثم انطلقت الأمانة تجمع كل ما تيسر لها من مؤلفات الشيخ المطبوعة والمخطوطة، وتبحث عنها في كافة مظانها عند أفراد من أسرة الشيخ، وفي المكتبات العامة والخاصة في أنحاء المملكة وخارجها.
وفي هذا المجال نشير بصفة خاصة إلى المجموعة الكبيرة من مخطوطات مؤلفات الشيخ التي وجدت في المكتبة السعودية بدخنة بالرياض، وقد قامت الأمانة بتصوير هذه المخطوطات. كما قامت باستحضار نسخ من مؤلفات الشيخ المطبوعة وذلك بطريق الشراء والهبة، وبطريق الاتصال الشخصي والاستعارة من الأفراد والهيئات بالنسبة لبعض المطبوعات التي يقل وجودها أو يندر.
وأيضًا قامت بالاتصال الشخصي ببعض الأفراد الذين لهم اهتمام خاص بالشيخ ودعوته ومؤلفاته أو كتبوا فيها شيئا ذا قيمة.
كما قام بعض أعضاء الأمانة في إجازة صيف ١٣٩٦هـ (١٩٧٦م) بمراجعة المكتبات الهامة في مصر وغيرها للتعرف على ما قد يكون للشيخ فيها من مؤلفات، ثم العمل على استحضار ما ييسر للأمانة مهمتها من هذه المؤلفات.
1 / 4
...ومن حصيلة ذلك كله تجمعت في أمانة المؤتمر نسخ كثيرة من مؤلفات الشيخ مطبوعة ومخطوطة وفي صورة ميكروفيلم. فألفت من بين أعضائها لجنة لتصنيف هذه المؤلفات، تضمنت مهمتها ما يلي:
(أ) النظر في كل مؤلف أو مخطوط والاستيثاق من أنه حقا من مؤلفات الشيخ.
(ب) حصر الموجود من نسخه المطبوعة والمخطوطة، ووصف كل نسخة.
(ج) تسجيل القسم الذي يوضع فيه (العقيدة – الفقه - السيرة – الرسائل ...) .
وأيضا ألفت عدة لجان للتصحيح، تضمنت مهمتها ما يلي:
(أ) مقابلة النسخ المخطوطة والمطبوعة من كل مؤلف بعضها على بعض، للحصول على نسخة كاملة متكاملة هي التي تعد للطبع.
(ب) ترقيم الآيات، وذكر سورها، وضبطها شكلا.
(ج) وضع علامات الترقيم، والبدء بالفقرات، وإبراز العناوين حسب النظام الحديث في الكتابة والطبع.
(د) تحقيق الأمر في صحة نسبة المؤلفات التي تقدم لجنة التصنيف شكًّا حول صحة نسبتها.
وقد حرصت أمانة المؤتمر على أن تؤلف كل لجنة من لجان التصحيح من العلماء المتخصصين ذوي الصلة الوثيقة بنوع وطبيعة المؤلف الذي يراجعونه،
1 / 5
كما حرصت على أن تجمع كل لجنة عددًا من العلماء ذوي الخبرات المتكاملة في مجموعها من حيث صلتها بمهمة التصحيح وإتقانها قدر الاستطاعة. وفي هذا استعانت الأمانة ببعض العلماء ذوي الخبرة من غير أعضائها.
وبعد فهذه مؤلفات الشيخ تقدمها أمانة المؤتمر متكاملة موثقة كأول ثمرة من ثمار تكوينها وعملها. وقد قصدتْ بجهودها فيها تجلية حقيقة دعوة الشيخ وتيسير الاطلاع عليها ومراجعتها من مجموع ما كتبه دون إضافة أو حذف أو تعليق، لتتيح للدارسين المنصفين الباحثين عن الحقيقة في ذاتها أن يصلوا بأوثق طريق، بعيدًا عن كل تزييف أو تشويه أو ادعاء باطل يحاول صاحبه أن يلبسه ثوب الحق.
وترجو الأمانة أن تكون قد وفقت في عملها هذا كفاء ما بذلته من جهود.
والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى خير سبيل.
أمانة المؤتمر
1 / 6
كتاب الكبائر
تأليف: الإمام المجدد أبي حسن الشيخ محمد بن عبد الوهاب
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الكبائر
وقول الله تعالى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ ١ الآية، وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ﴾ ٢ الآية. روى ابن جرير عن ابن عباس قال: "الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار أو لعنة أو غضب أو عذاب"، وله عنه قال: "هي إلى سبعمائة أقرب ٣ منها إلى سبع، غير أنه لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار". ولعبد الرزاق عنه: "هي إلى سبعين أقرب منها إلى السبع".
باب أكبر الكبائر
في الصحيحين عن أبي بكرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور. فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت" ٤.
_________
١ سورة النساء آية: ٣١.
٢ سورة النجم آية: ٣٢.
٣ هذا لفظ المخطوطات الثلاث مخطوطة المفتي ومخطوطة الشيخ محمد بن عبد اللطيف ومخطوطة عبد الرحمن الحصين. وهو لفظ ابن جرير.
٤ البخاري: الأدب (٥٩٧٦)، ومسلم: الإيمان (٨٧)، والترمذي: البر والصلة (١٩٠١) والشهادات (٢٣٠١) وتفسير القرآن (٣٠١٩)، وأحمد (٥/٣٦،٥/٣٨) .
1 / 3
(باب كبائر القلب)
عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"١ رواه مسلم.
وعن النعمان بن بشير ﵁ مرفوعا: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب" ٢.
(باب ذكر الكبر)
وقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾ ٣ وقول الله تعالى: ﴿فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾ ٤.
عن ابن مسعود ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. فقال رجل: يا رسول الله، إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة. قال: إن الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق، وغمط الناس" ٥ رواه مسلم.
وروى البخاري عن حارثة بن وهب أن رسول الله ﷺ قال: "ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر"٦. العتل: الغليظ الجافي، والجواظ قيل: المختال الضخم، وقيل القصير البطين، وبطر الحق: رده إذا أتاك، وغمط الناس: احتقارهم.
_________
١ مسلم: البر والصلة والآداب (٢٥٦٤) .
٢ البخاري: الإيمان (٥٢)، ومسلم: المساقاة (١٥٩٩)، والترمذي: البيوع (١٢٠٥)، والنسائي: البيوع (٤٤٥٣) والأشربة (٥٧١٠)، وأبو داود: البيوع (٣٣٢٩)، وابن ماجه: الفتن (٣٩٨٤)، وأحمد (٤/٢٦٧،٤/٢٦٩،٤/٢٧٠،٤/٢٧٤)، والدارمي: البيوع (٢٥٣١) .
٣ سورة النساء آية: ٣٦.
٤ سورة النحل آية: ٢٩.
٥ مسلم: الإيمان (٩١)، والترمذي: البر والصلة (١٩٩٩)، وأبو داود: اللباس (٤٠٩١)، وابن ماجه: المقدمة (٥٩) والزهد (٤١٧٣)، وأحمد (١/٣٩٩،١/٤١٢،١/٤١٦،١/٤٥١) .
٦ البخاري: تفسير القرآن (٤٩١٨)، ومسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٥٣)، والترمذي: صفة جهنم (٢٦٠٥)، وابن ماجه: الزهد (٤١١٦)، وأحمد (٤/٣٠٦) .
1 / 4
ولأحمد وصححه ابن حبان من حديث أبي سعيد رفعه: "من تواضع لله درجة رفعه الله درجة، حتى يجعله في أعلى عليين. ومن تكبر على الله درجة وضعه الله درجة، حتى يجعله في أسفل سافلين" ١.
وللطبراني عن ابن عمر رفعه: "إياكم والكبر، فإن الكبر يكون في الرجل وعليه العباءة" رواته ثقات.
(باب ذكر العجب)
وقول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ﴾ ٢ روي عن ابن مسعود ﵁ أنه قال: "الهلاك في اثنتين: القنوط والعجب".
عن أبي بكرة ﵁ أن رجلا ذُكر عند النبي ﷺ فأثنى عليه رجل خيرا، فقال النبي ﷺ: ويحك قطعت عنق صاحبك. يقوله مرارا. ثم قال: إن كان أحدكم مادحا لا محالة فليقل: أحسبه كذا وكذا، إن كان يرى أنه كذلك، وحسيبه الله، ولا يزكي على الله أحدا" ٣ رواه البخاري ومسلم.
ولأحمد بسند جيد: عن الحارث بن معاوية أنه قال لعمر: إنهم كانوا يراودونني على القصص، فقال: أخشى أن تقص فترتفع عليهم في نفسك، ثم تقص فترتفع حتى يخيل إليك أنك فوقهم في منْزلة الثريا، فيضعك الله (تحت أقدامهم يوم القيامة بقدر ذلك".
وللبيهقي عن أنس ﵁ مرفوعا: "لو لم تذنبوا لخَفِْتُ عليكم ما هو أشد من ذلك: العجب".
_________
١ هذا لفظ المخطوطات الثلاث.
٢ سورة المعارج آية: ٢٧.
٣ البخاري: الأدب (٦٠٦١)، ومسلم: الزهد والرقائق (٣٠٠٠)، وأبو داود: الأدب (٤٨٠٥)، وابن ماجه: الأدب (٣٧٤٤)، وأحمد (٥/٤١،٥/٤٥،٥/٤٧) .
1 / 5
(باب ذكر الرياء والسمعة)
وقول الله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ ١. عن جندب بن عبد الله ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "من سمَّع سمَّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به" ٢ أخرجاه.
قيل معنى: (من سمع سمع الله) به أي فضحه يوم القيامة. ومعنى: (من يرائي) أي: من أظهر العمل الصالح للناس ليعظم عندهم. يرائي به الله قيل معناه: إظهار سريرته للناس.
ولهما عن عمر ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" ٣.
ولمسلم عن أبي هريرة ﵁ مرفوعا: "إن أول الناس يقضى عليهم يوم القيامة ثلاثة: رجل استشهد في سبيل الله فأتى به فعرفه نِِعَمَهُ فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت في سبيلك حتى قتلت. قال له: كذبت، ولكنك قاتلت ليقال هو جريء فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه فعرفه. اقال: فما عملت فيها؟ قال تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت ولكنك تعلمت ليقال هو عالم، وقرأت ليقال هو قارئ فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل وسع الله عليه فأعطاه من أصناف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها
_________
١ سورة الكهف آية: ١١٠.
٢ البخاري: الرقاق (٦٤٩٩)، ومسلم: الزهد والرقائق (٢٩٨٧)، وابن ماجه: الزهد (٤٢٠٧)، وأحمد (٤/٣١٣) .
٣ البخاري: بدء الوحي (١)، ومسلم: الإمارة (١٩٠٧)، والترمذي: فضائل الجهاد (١٦٤٧)، والنسائي: الطهارة (٧٥) والطلاق (٣٤٣٧) والأيمان والنذور (٣٧٩٤)، وأبو داود: الطلاق (٢٢٠١)، وابن ماجه: الزهد (٤٢٢٧)، وأحمد (١/٢٥،١/٤٣) .
1 / 6
قال: فما عملت فيها؟ قال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت فيه لك. قال الله: كذبت، ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار" وللترمذي فيه: "أن معاوية ﵁ لما سمعه بكى وتلا قوله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا﴾ ١ الآية".
(باب الفرح)
وقول الله تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾ ٢، وقوله: ﴿إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ﴾ ٣، وقوله: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ ٤ الآية.
(باب ذكر اليأس من روح الله، والأمن من مكر الله)
وقول الله تعالى: ﴿إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ ٥، وقوله: ﴿فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ ٦. عن ابن مسعود ﵁ قال: "أكبر الكبائر: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله" رواه عبد الرزاق وأخرجه ابن
_________
١ سورة هود آية: ١٥.
٢ سورة الانشقاق آية: ١٣.
٣ سورة الطور آية: ٢٦.
٤ سورة الأنعام آية: ٤٤.
٥ سورة يوسف آية: ٨٧.
٦ سورة الأعراف آية: ٩٩.
1 / 7
أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه مرفوعا ولفظه: "سئل ما الكبائر؟ فقال: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، واليأس من روح الله".
(باب ذكر سوء الظن بالله)
وقول الله تعالى: ﴿يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ ١ وقول الله تعالى: ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ﴾ ٢ الآية، وقوله: ﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾ ٣ الآية. روي من حديث ابن عمر ﵄: "أكبر الكبائر سوء الظن بالله" رواه ابن مردويه.
عن جابر ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول قبل وفاته بثلاث: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله" ٤، أخرجاه وزاد ابن أبي الدنيا: "فإن قوما أرداهم سوء ظنهم بالله فقال ﵎ ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ﴾ ٥ الآية". ولهما عن أبي هريرة ﵁ مرفوعا: "قال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي" ٦ زاد أحمد وابن حبان ٧: "إن ظن بي خيرا فله، وإن ظن بي شرا فله" ٨.
_________
١ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٢ سورة فصلت آية: ٢٣.
٣ سورة الفتح آية: ٦.
٤ مسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٧٧)، وأبو داود: الجنائز (٣١١٣)، وابن ماجه: الزهد (٤١٦٧)، وأحمد (٣/٢٩٣،٣/٣١٥،٣/٣٢٥،٣/٣٣٠،٣/٣٣٤،٣/٣٩٠) .
٥ سورة فصلت آية: ٢٣.
٦ البخاري: التوحيد (٧٤٠٥)، ومسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٦٧٥)، والترمذي: الزهد (٢٣٨٨) والدعوات (٣٦٠٣)، وابن ماجه: الأدب (٣٨٢٢)، وأحمد (٢/٣٩١،٢/٤١٣،٢/٤٤٥،٢/٤٨٠،٢/٤٨٢،٢/٥١٥،٢/٥١٧،٢/٥٢٤،٢/٥٣٤) .
٧ هذه العبارة في المخطوطات الثلاث.
٨ مسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٦٧٥)، والترمذي: الزهد (٢٣٨٨) والدعوات (٣٦٠٣)، وابن ماجه: الأدب (٣٨٢٢)، وأحمد (٢/٣٩١) .
1 / 8
(باب ذكر إرادة العلو والفساد)
وقول الله تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا﴾ ١ الآية.
عن أنس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" ٢ أخرجاه. وعن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄: أن رسول الله ﷺ قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به".
(باب العداوة والبغضاء)
وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ ٣ الآية، وقوله: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ﴾ ٤ ٥ الآية.
(باب الفحش)
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ٦ الآية، وقوله: ﴿إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ ٧ الآية.
(باب ذكر مودة أعداء الله)
وقوله تعالى: ﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ ٨ الآية، وقوله: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ
_________
١ سورة القصص آية: ٨٣.
٢ البخاري: الإيمان (١٣)، ومسلم: الإيمان (٤٥)، والترمذي: صفة القيامة والرقائق والورع (٢٥١٥)، والنسائي: الإيمان وشرائعه (٥٠١٦،٥٠١٧)، وابن ماجه: المقدمة (٦٦)، وأحمد (٣/١٧٦،٣/٢٠٦،٣/٢٥١،٣/٢٧٢)، والدارمي: الرقاق (٢٧٤٠) .
٣ سورة النساء آية: ٥٩.
٤ سورة الممتحنة آية: ٤.
٥ اعتدنا ترتيب هذا الباب على مخطوطة عبد الرحمن الحصين.
٦ سورة النور آية: ١٩.
٧ سورة التوبة آية: ٩١.
٨ سورة المجادلة آية: ٢٢.
1 / 9
وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ ١، وقوله: ﴿وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ ٢ الآية. وقال أبو العالية: "لا ترضوا بأعمالهم". وروي عن ابن عباس ﵄: "لا تميلوا إليهم كل الميل في المحبة ولين الكلام والمودة". وعن ابن مسعود ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "المرء مع من أحب" ٣ أخرجاه.
(باب ذكر قسوة القلب)
وقول الله تعالى: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً﴾ ٤ الآية، وقوله تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ ٥، وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾ ٦ الآية. عن ابن عمرو مرفوعا: "ارحموا ترحموا، واغفروا يغفر لكم. ويل لأقماع القول، ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون" ٧ رواه أحمد.
وللترمذي عنه ٨ مرفوعا: "لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن
_________
١ سورة التوبة آية: ٢٤.
٢ سورة هود آية: ١١٣.
٣ البخاري: الأدب (٦١٦٨)، ومسلم: البر والصلة والآداب (٢٦٤١)، وأحمد (١/٣٩٢،٤/٤٠٥) .
٤ سورة المائدة آية: ١٣.
٥ سورة الزمر آية: ٢٣.
٦ سورة الحديد آية: ١٦.
٧ أحمد (٢/١٦٥) .
٨ لفظ (عنه) في المخطوطات الثلاث.
1 / 10
كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب، وإن أبعد القلوب من الله القلب القاسي" ١. ولهما عن جرير ﵁ مرفوعا: "من لا يرحم الناس لا يرحمه الله" ٢ أخرجاه.
(باب ذكر ضعف القلب)
وقول الله تعالى: ﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ ٣ الآية، وقوله: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ ٤ الآيتين، وقوله: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ﴾ ٥ الآية، وقوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ﴾ ٦ الآية. ولهما عن ابن عمرو مرفوعا: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه" ٧.
"أبواب كبائر اللسان"
(باب التحذير من شر اللسان)
وقول الله تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا﴾ ٨، وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ﴾ ٩، وقوله: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ
_________
١ الترمذي: الزهد (٢٤١١) .
٢ البخاري: الأدب (٦٠١٣) والتوحيد (٧٣٧٦)، ومسلم: الفضائل (٢٣١٩)، والترمذي: البر والصلة (١٩٢٢)، وأحمد (٤/٣٥٨،٤/٣٦٠،٤/٣٦٢،٤/٣٦٥،٤/٣٦٦) .
٣ سورة الكهف آية: ١٤.
٤ سورة العنكبوت آية: ٢.
٥ سورة المائدة آية: ٢٢.
٦ سورة العنكبوت آية: ١٠.
٧ البخاري: الإيمان (١٠)، ومسلم: الإيمان (٤٠)، والنسائي: الإيمان وشرائعه (٤٩٩٦)، وأبو داود: الجهاد (٢٤٨١)، وأحمد (٢/١٥٩،٢/١٦٢،٢/١٨٧،٢/١٩١،٢/١٩٢،٢/١٩٣،٢/١٩٤،٢/٢٠٥،٢/٢٠٩،٢/٢١٢،٢/٢١٥،٢/٢٢٤)، والدارمي: الرقاق (٢٧١٦) .
٨ سورة الفرقان آية: ٦٣.
٩ سورة القصص آية: ٥٥.
1 / 11
عَتِيدٌ﴾ ١. عن أبي هريرة ﵁ مرفوعا: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" ٢ أخرجاه. ولهما عن سهل بن سعد مرفوعا: "من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة" ٣.
وعن سفيان بن عبد الله قال: قلت: يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ بلسان نفسه ثم قال: كف عليك هذا" ٤ قال الترمذي: حسن صحيح.
وله وصححه عن معاذ ﵁: "قلت: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال على مناخرهم - إلا حصائدُ ألسنتهم " ٥. وله عن أبي سعيد ﵁ مرفوعا: "إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان، تقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك، إن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا" ٦ قوله: تكفر أي: تذل وتخضع.
وعن أبي هريرة ﵁ مرفوعا: "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب " ٧ أخرجاه. وللترمذي وصححه عن بلال بن الحارث ﵁ مرفوعا: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه. وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه" ٨.
ولمسلم عن جندب بن عبد الله ﵁ مرفوعا: "أن رجلا
_________
١ سورة ق آية: ١٨.
٢ البخاري: الأدب (٦٠١٨)، ومسلم: الإيمان (٤٧)، وأحمد (٢/٢٦٧،٢/٤٣٣) .
٣ البخاري: الرقاق (٦٤٧٤)، والترمذي: الزهد (٢٤٠٨)، وأحمد (٥/٣٣٣) .
٤ الترمذي: الزهد (٢٤١٠)، وابن ماجه: الفتن (٣٩٧٢)، وأحمد (٣/٤١٣،٤/٣٨٤)، والدارمي: الرقاق (٢٧١٠) .
٥ الترمذي: الإيمان (٢٦١٦)، وابن ماجه: الفتن (٣٩٧٣)، وأحمد (٥/٢٣١،٥/٢٣٧) .
٦ الترمذي: الزهد (٢٤٠٧)، وأحمد (٣/٩٥) .
٧ البخاري: الرقاق (٦٤٧٧)، ومسلم: الزهد والرقائق (٢٩٨٨)، والترمذي: الزهد (٢٣١٤)، وأحمد (٢/٢٣٦،٢/٢٩٧،٢/٣٣٤،٢/٣٥٥،٢/٣٧٨،٢/٤٠٢،٢/٥٣٣)، ومالك: الجامع (١٨٤٩) .
٨ البخاري: الرقاق (٦٤٧٧)، ومسلم: الزهد والرقائق (٢٩٨٨)، والترمذي: الزهد (٢٣١٤)، وابن ماجه: الفتن (٣٩٧٠)، وأحمد (٢/٢٣٦،٢/٢٩٧،٢/٣٣٤،٢/٣٥٥،٢/٣٧٨،٢/٤٠٢،٢/٥٣٣)، ومالك: الجامع (١٨٤٩) .
1 / 12
قال: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله (: من ذا الذي يتألى عليّ أن لا أغفر لفلان؟ إني قد غفرت له، وأحبطت عملك" ١ وروى أن القائل رجل عابد، قال أبو هريرة: "تكلم بكلمة أو بقت دنياه وآخرته ٢".
(باب ما جاء في كثرة الكلام)
وقول الله تعالى: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ﴾ ٣ الآيتين. عن المغيرة بن شعبة مرفوعا: "إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعا وهات. وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال" ٤ أخرجاه.
وعن جابر ﵁ مرفوعا: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون المتشدقون والمتفيهقون " ٥ حسنه الترمذي.
(باب التشدق وتكلف الفصاحة)
وقول الله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ﴾ ٦ الآية. عن ابن عمر ﵄ مرفوعا: "إن من البيان لسحرا" ٧ رواه البخاري.
وعن ابن عمر مرفوعا: "إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة" ٨ حسنه الترمذي.
_________
١ مسلم: البر والصلة والآداب (٢٦٢١) .
٢ قوله: روى ... إلخ في مخطوطة المفتي.
٣ سورة الانفطار آية: ١٠.
٤ البخاري: الأدب (٥٩٧٥)، ومسلم: الأقضية (٥٩٣)، وأحمد (٤/٢٤٦،٤/٢٤٩،٤/٢٥٤)، والدارمي: الرقاق (٢٧٥١) .
٥ الترمذي: البر والصلة (٢٠١٨) .
٦ سورة المنافقون آية: ٤.
٧ البخاري: النكاح (٥١٤٦)، والترمذي: البر والصلة (٢٠٢٨)، وأبو داود: الأدب (٥٠٠٧)، وأحمد (٢/١٦،٢/٥٩،٢/٦٢،٢/٩٤)، ومالك: الجامع (١٨٥٠) .
٨ الترمذي: الأدب (٢٨٥٣)، وأبو داود: الأدب (٥٠٠٥) .
1 / 13
وعن أبي هريرة مرفوعا: "من تعلم صرف الكلام ليصرف به قلوب الرجال أو الناس، لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا" ١ رواه أبو داود.
ولأحمد عن معاوية: "لعن رسول الله ﷺ الذين يشققون الكلام تشقيق الشعر" ٢.
(باب شدة الجدال)
وقول الله تعالى: ﴿وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾ ٣. عن عائشة ﵂ مرفوعا: "إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم" ٤. وللترمذي عن ابن عباس مرفوعا: "كفى بك إثما أن لا تزال مخاصما" ٥.
(باب من هابه الناس خوفا من لسانه)
وقول الله تعالى: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ ٦ الآية. عن عائشة ﵂ أن رسول الله ﷺ قال: "إن شر الناس منْزلة عند الله ٧ يوم القيامة من ودعه الناس - أو تركه الناس - اتقاء فحشه".
(باب البذاء والفحش)
وقول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ ٨.
_________
١ أبو داود: الأدب (٥٠٠٦) .
٢ أحمد (٤/٩٨) .
٣ سورة البقرة آية: ٢٠٤.
٤ البخاري: المظالم والغصب (٢٤٥٧)، ومسلم: العلم (٢٦٦٨)، والترمذي: تفسير القرآن (٢٩٧٦)، والنسائي: آداب القضاة (٥٤٢٣)، وأحمد (٦/٥٥،٦/٦٣،٦/٢٠٥) .
٥ الترمذي: البر والصلة (١٩٩٤) .
٦ سورة الهمزة آية: ١.
(عند الله) هو لفظ مخطوطتي المفتي والحصين.
٨ سورة الفرقان آية: ٧٢.
1 / 14
وعن ابن مسعود ﵁ مرفوعا: "ليس المؤمن بطعان، ولا لعان، ولا فاحش، ولا بذيء" ١ حسنه الترمذي.
وله وصححه عن أبي الدرداء ﵁ مرفوعا: "ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء الذي يتكلم بالفحش" ٢.
ولمسلم عن عائشة ﵂ مرفوعا: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنْزع من شيء إلا شانه" ٣.
وللترمذي وحسنه عن ابن مسعود ﵁ مرفوعا: "ألا أخبركم بمن يحرم على النار، أو تحرم عليه النار؟ تحرم على كل قريب هين لين سهل" ٤.
ولمسلم عن جرير ﵁ مرفوعا: "من يحرم الرفق، يحرم الخير كله" ٥.
(باب ما جاء في الكذب)
وقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ ٦، وقوله ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ ٧ وقوله تعالى: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾ ٨.
_________
١ الترمذي: البر والصلة (١٩٧٧)، وأحمد (١/٤٠٤) .
٢ الترمذي: البر والصلة (٢٠٠٢)، وأبو داود: الأدب (٤٧٩٩)، وأحمد (٦/٤٤٦،٦/٤٤٨،٦/٤٥١) .
٣ مسلم: البر والصلة والآداب (٢٥٩٤)، وأبو داود: الجهاد (٢٤٧٨) والأدب (٤٨٠٨)، وأحمد (٦/٥٨،٦/١١٢،٦/١٢٥،٦/١٧١،٦/٢٠٦،٦/٢٢٢) .
٤ الترمذي: صفة القيامة والرقائق والورع (٢٤٨٨)، وأحمد (١/٤١٥) .
٥ مسلم: البر والصلة والآداب (٢٥٩٢)، وأبو داود: الأدب (٤٨٠٩)، وابن ماجه: الأدب (٣٦٨٧)، وأحمد (٤/٣٦٢،٤/٣٦٦) .
٦ سورة النحل آية: ١٠٥.
٧ سورة البقرة آية: ١٠.
٨ سورة الجاثية آية: ٧.
1 / 15
عن ابن مسعود ﵁ مرفوعا: "إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة؛ وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا. وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار؛ وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا" ١ أخرجاه.
وفي الموطأ عنه: "لا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب، فينكت في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه؛ فيكتب عند الله من الكاذبين".
وفيه عن صفوان بن سليم قال: "قيل ٢ لرسول الله: أيكون المؤمن جبانا؟ قال: نعم. قيل: أيكون المؤمن بخيلا؟ قال: نعم. قيل: أيكون المؤمن كذابا؟ قال: لا" - وللترمذي وحسنه عن ابن عمر: "إذا كذب العبد تباعد عنه الملك ميلا".
(باب ما جاء في إخلاف الوعد)
وقول الله تعالى: ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ﴾ ٣ الآية. عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتُمن خان" ٤ أخرجاه. ولهما عن ابن عمر مرفوعا: "أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت
_________
١ مسلم: البر والصلة والآداب (٢٦٠٧)، والترمذي: البر والصلة (١٩٧١)، وأبو داود: الأدب (٤٩٨٩)، وأحمد (١/٣٨٤،١/٣٩٣،١/٤١٠،١/٤٣٠،١/٤٣٢،١/٤٣٩) .
٢ هذا نص المؤطا.
٣ سورة التوبة آية: ٧٧.
٤ البخاري: الإيمان (٣٣)، ومسلم: الإيمان (٥٩)، والترمذي: الإيمان (٢٦٣١)، والنسائي: الإيمان وشرائعه (٥٠٢١)، وأحمد (٢/٣٥٧،٢/٣٩٧،٢/٥٣٦) .
1 / 16
خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" ١.
(باب ما جاء في "زعموا")
وقول الله تعالى: ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ﴾ ٢ الآية، وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ ٣ الآية.
عن أبي مسعود أو حذيفة ٤ مرفوعا: "بئس مطية الرجل: زعموا" ٥ رواه أبو داود بسند صحيح. ولمسلم عن أبي هريرة ﵁ مرفوعا: "كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ماسمع "٦.
(باب ما جاء في الكذب والمزح ونحوه)
وقول الله تعالى: ﴿قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾ ٧ الآية. عن أم كلثوم بنت عقبة ﵂ مرفوعا: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، فيقول خيرا أو ينمي خيرا" ٨ أخرجاه.
ولمسلم: "قالت: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث – يعني: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل زوجته، وحديث المرأة زوجها" ٩.
_________
١ البخاري: الإيمان (٣٤)، ومسلم: الإيمان (٥٨)، والترمذي: الإيمان (٢٦٣٢)، والنسائي: الإيمان وشرائعه (٥٠٢٠)، وأبو داود: السنة (٤٦٨٨)، وأحمد (٢/١٨٩،٢/١٩٨،٢/٢٠٠) .
٢ سورة النور آية: ١٥.
٣ سورة الحجرات آية: ٦.
٤ هذا هو الموافق لما في سنن أبي داود.
٥ أبو داود: الأدب (٤٩٧٢)، وأحمد (٤/١١٩،٥/٤٠١) .
٦ مسلم: مقدمة (٥)، وأبو داود: الأدب (٤٩٩٢) .
٧ سورة البقرة آية: ٦٧.
٨ البخاري: الصلح (٢٦٩٢)، ومسلم: البر والصلة والآداب (٢٦٠٥)، والترمذي: البر والصلة (١٩٣٨)، وأبو داود: الأدب (٤٩٢١)، وأحمد (٦/٤٠٤) .
٩ هذا نص الحديث في جامع الأصول لابن الأثير.
1 / 17
وعن عبد الله بن عامر ﵁ قال: "دعتني أمي يوما ورسول الله ﷺ جالس في بيتنا، قالت: ها! تعال أعطك! فقال رسول الله ﷺ: وما أردت أن تعطيه؟ قالت أعطيه تمرا فقال لها رسول الله ﷺ أما أنك لو لم تعطيه لكُتِبت عليك كذبة" ١ رواه أبو داود ٢.
ولأحمد عن أبي هريرة ﵁ مرفوعا: "من قال لصبي: ها! تعال أعطك! ثم لم يعطه، فهي كذبة" ٣.
وله عن أسماء بنت يزيد ﵂: "قلت: يا رسول الله إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه لا أشتهيه"أيعد ذلك كذبا؟ قال: نعم إن الكذب يكتب كذبا، حتى تكتب الكذيبة كذيبة" ٤. وللترمذي وحسنه مرفوعا: "ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب، ويل له، ويل له" ٥.
(باب ما جاء في التملق ومدح الإنسان بما ليس فيه)
وقول الله تعالى: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ ٦. وروى الإمام أحمد عن أبي داود عن شعبة عن قيس بن مسلم أنه سمع طارق بن شهاب يحدث عن عبد الله يقول: "إن الرجل ليخرج من بيته ومعه دينه، فيلقى الرجل وله إليه حاجة، فيقول له: أنت كيت وكيت يثني عليه لعله أن يقضي من حاجته شيئا، فيسخط الله عليه، فيرجع وما معه من دينه شيء".
_________
١ أبو داود: الأدب (٤٩٩١)، وأحمد (٣/٤٤٧) .
٢ قوله: وما أردت إلى قوله: فقال لها في سنن أبي داود.
٣ أحمد (٢/٤٥٢) .
٤ أحمد (٦/٤٣٨) .
٥ الترمذي: الزهد (٢٣١٥)، وأبو داود: الأدب (٤٩٩٠)، والدارمي: الاستئذان (٢٧٠٢) .
٦ سورة الحج آية: ٣٠.
1 / 18