وحلق بهم ما كانوا به يستهزئون. فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون﴾
وقد بسط الكلام على قول فرعون ومتابعة هؤلاء له والنمرودين كنعان وأمثالهما من رؤوس الكفر والضلال ومخالفتهم لموسى وإبراهيم وغيرهما من رسل الله صلوات الله عليهم في مواضع وقد جعل الله آل إبراهيم أئمة للمؤمنين أهل الجنة، وآل فرعون أئمة لأهل النار قال تعالى ﴿واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق، وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين، وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين، ولقد آتينا موسى الكتاب من بعدما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون﴾ إلى قوله: ﴿قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين﴾.
وقال في آل إبراهيم:
﴿وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون﴾.
والمقصود أن متأخريهم الذين هم أعلم منهم جعلوا علم الرب يحصل بواسطة القياس البرهاني، وكذلك علم أنبيائه وقد بسطنا الكلام في الرد عليهم في غير هذا الموضع. والمقصود هنا التنبيه على فساد قولهم إنه لا يحصل العلم إلا بالبرهان الذي وصفوه، وإذا كان هذا السلب باطلًا في علم آحاد الناس، كان بطلانه أولى في علم رب العالمين ﷾ ثم ملائكته وأنبيائه، صلوات الله عليهم أجمعين.
2 / 72