كأرسطو وأتباعه، فإن أولئك ليس عندهم من العلم بالله إلا ما عند عباد مشركي العرب ما هو خير منه.
وقد ذكرت كلام أرسطو نفسه الذي ذكره في علم ما بعد الطبيعة في مقالة اللام وغيرها، وهو آخر منتهى فلسفته، وبينت بعض ما فيه من الجهل. فإنه ليس في الطوائف المعروفين الذين يتكلمون في العلم الإلهي مع الخطأ والضلال مثل علماء اليهود والنصارى وأهل البدع من المسلمين وغيرهم أجهل من هؤلاء، وأبعد عن العلم بالله تعالى منهم.
نعم لهم في الطبيعيات كلام غالبه جيد. وهو كلام كثير واسع، ولهم عقول عرفوا بها ذلك، وهم قد يقصدون الحق، لا يظهر عليهم العناد، لكنهم جهال بالعلم الإلهي إلى الغاية ليس عندهم إلا قليل كثير الخطأ.
وابن سينا لما عرف شيئًا من دين المسلمين، وكان قد تلقاه عن الملاحدة وعمن هو خير منهم من المعتزلة والرافضة، أراد أن يجمع بين ما عرفه بعقله من هؤلاء، وبين ما أخذه من سلفه. ومما أحدثه مثل كلامه في النبوات وأسرار الآيات والمنامات، بل كلامه في بعض الطبيعيات وكلامه في واجب الوجود، ولا شيء من الأحكام التي لو أجب الوجود وإنما يذكرون العلة الأولى، ويثبتونه من حيث هو على غنائية للحركة الفلكية يتحرك الفلك للتشبه به فابن سينا أصلح تلك الفلسفة الفاسدة بعض إصلاح حتى راجت على من يعرف دين الإسلام من الطلبة النظار وصاروا يظهر لهم بعض ما فيها من التناقض، فيتكلم كل منهم بحسب ما عنده ولكن سلموا لهم أصولًا
2 / 59