فإذا جعلنا هذه قضية كلية، وقلنا كل نار محرقة. لم يكن لنا طريق نعلم به صدق هذه القضية الكلية علمًا يقينيًا، إلا والعلم بذلك ممكن في الأعيان المعينة بطريق الأولى. وإن قبل ليس المراد العلم بالأمور المعينة فإن البرهان لا يفيد (إلا) العلم بقضية كلية فالنتائج (المعلومة بالبرهان) لا تكون إلا كلية كما يقولون هم ذلك. والكليات إنما تكون كليات في الأذهان لا في الأعيان قيل: فعلى هذا التقدير لا يفيد البرهان العلم بشيء موجود بل بأمور مقدرة في الأذهان لا يعلم تحققها في الأعيان وإذا لم يكن في هذا علم بشيء بموجود، فيكون قليل المنفعة جدا، بل عديم المنفعة، وهم لا يقولون بذلك بل يستعملونه في العلم بالموجودات الخارجية (الطبيعية) والإلهية؛ ولكن حقيقة الأمر- كما بيناه في غير هذا الوضع- أن المطالب الطبيعية التي ليست من الكليات اللازمة بل الأكثرية، فلا تفيد مقصود البرهان.
وأما الإلهيات فكلياتهم فيها أفسد من كليات الطبيعة. وغالب كلامهم- فيها ظنون كاذبة فضلًا عن أن نكون قضايا صادقة يولد منها البرهان. ولهذا حدثونا بإسناد متصل عن فاضل زمانه في المنطق وهو الخويخي صاحب كشف أسرار المنطق والموجز وغيرهما أنه قال عند الموت: أموت
2 / 39