البرهان، بل هو الواقع كثيرًا. فإذا علم أن كل واحد فهو نصف كل اثنين وأن كل اثنين نصفهم واحد، فإنه يعلم أن هذا الواحد نصف هذين الاثنين، وهل جرا في سائر القضايا الأخر من غير استدلال على ذلك بالقضية الكلية. وكذلك كل جزء يعلم أن هذا الكل أعظم من جزئه بدون توسط القضية الكلية. وكذلك هذان النقيضان من تصورهما نقيضين، فإنه يعلم أنهما لا يجتمعان (ولا يرتفعان). وكل أحد يعلم أن هذا المعين لا يكون موجودا معدومًا كما يعلم المعين الآخر، ولا يحتاج ذلك إلى أن يستدل عليه بأن كل شئ لا يكون موجودًا معدومًا معًا، وكذلك الضدان فإن الإنسان يعلم أن هذا الشئ لا يكون أسود أبيض، ولا يكون متحركًا ساكنًا، كما يعلم أن الآخر كذلك. ولا يحتاج في العلم بذلك إلى قضية كلية بأن كل شئ لا يكون أسود أبيض، ولا يكون متحركًا ساكنًا.
وكذلك في سائر ما يعلم تضادهما، فإن على تضاد المعنيين، على أنهما لا يجتمعان فإن العلم بالقضية الكلية يفيد العلم بالمقدمة الكبرى المشتملة على الحد الأكبر وذلك لا يغني بدون العلم بالمقدمة الصغرى المشتملة على الحد الأصغر. والعلم بالنتيجة وهو أن هذين المعينين ضدان فلا يجتمعان، يمكن بدون العلم بالمقدمة الكبرى: وهو أن كل ضدين لا يجتمعان فلا يفتقر العلم بذلك إلى القياس الذي خصوه باسم البرهان وإن كان البرهان في كلام الله ورسوله كلام سائر أصناف العلماء ولا يختص بما سموه هم البرهان وإنما خصواهم لفظ البرهان بما اشتمل عليه القياس الذي خصوا صورته
2 / 34