مع دعوى أن كليهما في الخارج غلط عظيم وهؤلاء ظنوا أن الحقائق النوعية كحقيقة الإنسان والفرس وأمثال ذلك ثابتة في الخارج، غير الأعيان الموجودة في الخارج وأنها أزلية لا تقبل الاستحالة، وهذه التي تسمى المثل الأفلاطونية ولم يقتصروا على ذلك؛ بل أثبتوا أيضًا ذلك في المادة والماهية والمكان. فأثبتوا مجردة عن الصور، ثابتة في الخارج وهي "الهيولي بأولية" التي بنوا عليها قدم العالم. وغلطهم فيها جمهور العقلاء. والكلام على من فرق بين الوجوه والماهية مبسوط في غير هذا الموضع والمقصود هنا التنبيه على أن ما ذكروه في المنطق من الفرق بين الماهية ووجودها في الخارج هو مبني على هذا الأصل الفاسد. وحقيقة الفرق الصحيح، أن الماهية هي ما يرسم في النفس من الشئ والوجود ما يكون في الخارج منه، وهذا فرق صحيح فإن الفرق بين ما في النفس وما في الخارج ثابت معلوم لا ريب فيه. وأما تقدير حقيقة لا تكون ثابتة في العلم ولا في الوجود فهو باطل.
والأصل الثاني: وهو الفرق بين اللازم للماهية والذاتي لا حقيقة له، فإنه إن جعلت الماهية التي في الخارج مجردة عن الصفات اللازمة، وأمكن أن يجعل الوجود الذي في الخارج مجردًا عن هذه الصفات اللازمة وإن جعل هذا هو نفس الماهية بلوازمها، كان هذا بمنزلة أن يقال هو الوجود بلوازمها وهما باطلان، فإن الزوجية والفردية للعدد مثلا مثل الحيوانية والنطق للإنسان وكلاهما إذا خطر بالبال منه الموصوف مع الصفة،
2 / 26