ونيل مقدشو لا يزال يصعد في هذا الجزء حتى عرض إحدى عشرة درجة حيث الطول ست وستون درجة ثم ينحدر على شرقي بربرا، ويبقى بينها وبينه نحو درجة ثم ينحدر على شرقي مقدشو. وفي هذا الجزء من مدن بربرا وهي أول مدنهم على ساحل البحر الهندي قرفونه، وموضوعها في أول ركن البحر حيث الطول أربع وستون درجة وثلاثون دقيقة والعرض عشرون دقيقة. وشرقيها من مدنهم على جون مرتفع برمه حيث الطول ست وستون درجة والعرض درجة. وفي شرقيها حافوني، الجبل المشهور عند المسافرين، ويظهر داخلًا في البر جنوبًا نحو مائة ميل، ويدخل في البحر نحو مائة وأربعين ميلًا في الشمال بتعرج للمشرق. وفي الظاهر منه سبعة رؤوس يعدها المسافرون على بعد ويعطون البشارة إذا جاوزوها وخلصوا من ذلك الطرف. وفي شرقيه من بلاد بربرا المشهورة على البحر مركه حيث الطول تسع وستون درجة وثلاثون دقيقة والعرض درجة وعشر دقائق. وأهلها مسلمون وهي قاعدة الهاوية التي تنيف على خمسين قرية، وهي شاطئ نهر يخرج من نيل مقدشو وينصب على مرحلتين من المدينة في شرقيها. ومنه فرع يكون حوض المركه. وفي شرقي ذلك مدينة الإسلام المشهورة في ذلك الصقع والمترددة الذكر على ألسن المسافرين وهي مقدشو حيث الطول اثنتان وسبعون درجة والعرض درجتان. وهي على بحر الهند ومرساها غير مأمون الأنواء.
الجزء الخامس: في أوله على اثنتي عشرة دقيقة من الجزء الرابع وعرض درجتين مصب نيل مقدشو وهو عابر على أرضها ويبقى بينها وبينه نحو اثني عشر ميلًا وينصب في بحر الهند وهو في رأي العين أقل من نيل مصر بالقرب من مقدشو ولكنه عميق ويخرج منه ما يضعف ماءه.
قال ابن فاطمة: وخروج هذا النيل من بحيرة كورى تحت خط الاستواء من جبل المقسم شقيقًا لنيل مصر وذلك عند طول إحدى وخمسين درجة وعرض نصف درجة في الإقليم الأول وهو معوج ومستقيم ويخرج منه من الأنهار ما تصير به تلك الجهات كالديار المصرية في السكر والموز وكالهند في المقل والنارجيل والفوفل وبه يسقى كل ذلك وغيره. وهم يزرعون مرتين عليه وعلى المطر. وينصب من مقدشو في شرقيها ويكون طوله نحو ألفي ميل. وفي شرقي هذا النيل آخر حد البلاد البربرية وأول حد بلاد الزنج ويكون في هذا الجزء الخامس من مدن الزنج المشهورة ملنده حيث الطول إحدى وثمانون درجة ونصف والعرض درجتان ونصف وعشرون دقيقة على جون. وفي غربيها خور كبير ينزل إليه نهر من جبل القمر وعلى شطّي هذا الخور عمائر كثيرة للزنج وفي الجنوب عمائر القمر. وفي شرق ملنده الحراني وهو جبل مشهور عند المسافرين يدخل في البحر نحو مائة ميل آخذًا للشمال بتشريق ويظهر في البر آخذًا نحو الجنوب مستقيمًا على نحو خمسين ميلًا. ومن غرائبه أن ما في البر منه فيه معدن حديد يعم بلاد الزنج ويسافر به إلى غيرها. وما في البحر منه فيه حجر المغناطيس الجاذب للحديد. وفي هذه المدينة سحرة الزنج وسكنى ملوكهم في مدينة ممبصة. وبينهما نحو درجة وهي على البحر. وفي غربيها خور كبير تدخله المراكب نحو يومين ويمتد نحو ثلاثمائة ميل. وفي هذا الجزء المفازة التي بين الزنج وبين سفاله. وفيه من مدن سفاله بتينه. وهي على ذيل جون عظيم يدخل في البحر من خط الاستواء أربع درجات، وعرض رأسه بالتدوير درجتان. والمدينة حيث الطول سبع وثلاثون درجة وعشر دقائق والعرض درجتان ونصف. وفي غربيها داخل الشمال والمشرق عجرد. وهو جبل طوله في البحر نحو مائة ميل. وللموج فيه أصوات هائلة وهو خور طويل ينصب فيه نهر يأتي من جبل القمر وهو في شرقيها. وطول الخور والنهر شهر. وعليه الغياظ والعمائر وينزل البحر من هذه المدينة مسافة شهر إلى أن يكون ساحله عند خط الاستواء حيث قبة أزين، التي هي كفة الميزان في الأرض وإليها من كل جهة تسعون درجة.
1 / 2