يعاودني حزني فأذرف أدمعا
يراودها نوحي ويقطعها ندبي
لا بد أنك تسألينني عن سبب وجودي في هذا المكان، أليس كذلك؟ وأنا أيضا طالما سألت نفسي عن سبب ذلك، غير أن الحكمة الإلهية لأسمى من أن ندركها نحن يا عزيزتي، ففي هذا الجبل فلاحون جهال لا مرشد لهم ولا من يتعهد نفوسهم يتخاصمون ويتنازعون وربما أدى بهم الأمر إلى أبعد من ذلك، ألا ترين من الحكمة أن يكون بينهم راع صالح يضع الوفق في قلوبهم ويسكب السلام على أنفسهم؟
تابع لرسالة إلى أخته
في 5 أيار سنة 1798
أستفيق كل صباح على دوي الجرس معتقدا أن ملاك الرب يناديني بتلك الدقات الهزازة وأستدعي الفلاحين إلى المعبد فيغدون جماعات ويسجدون حولي بعبادة وتقوى، فأشعر أن إله المساكين يهبط من السماء ويحل في نفوسنا. كم من زفرة تتصاعد من الصدور إلى أذان الفجر الطاهر، وكم ثقل من أثقال القلوب يرتفع إلى السماء على حرارة التنهدات كما ترتفع الدخنة من المباخر، وبعد أن أتلو آيات الإنجيل أعظ على مسامعهم المنتبهة بكلام الرب، فهذا الشعب الساذج يحب معرفة الأمثال الصالحة ...
وعندما أنتهي من عملي هذا أجلس إلى بعض الصبية الصغار فأعلمهم الهجاء مذوبا في نفوسهم لهيب الإيمان واضعا في شفاههم قطرات من حليب المحبة، ثم أعود إلى حديقتي فأحرث بعض زوايا صغيرة وأزرعها أزهارا من جميع الألوان أو أحصد الأعشاب لعجلتي وأجمعها كوما كوما على الأرض، وقبل أن ينتهي النهار أتفقد الفلاحين في أكواخهم مارا من باب إلى باب وفي يدي كتابي المقدس فأحيي هذا وأبارك تلك ساكبا في جميع النفوس قارورة الأمل، وهكذا ينتهي النهار بدون أن أشعر به! عندي كثير من الأشياء أود أن أقولها لك غير أن الجرس يدق، إلى اللقاء!
العهد السابع
عن قرية ولادته، 3 تموز سنة 1800
رب! بأية حالة رأيت أمي بعد غياب طويل؟ لم تشأ أن تموت في باريس فآثرت المجيء إلى قرية ولادتها، حيث قضت الحياة بالقرب من زوجها ورأت ولديها ينشآن في حضنها ويترعرعان تحت ذراعيها!
Unknown page