يزيد قال لأبي بكر الصديق: " إما أن تركب وإمَّا أن أنزل ". فقال أبو بكر: " ما أنت بنازل وما أنا براكب. أني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله ". ثم قال له: " إنك ستجد أقواما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما زعموا، إنهم حبسوا أنفسهم له. وستجد قوما فحصوا عن أوساط رؤوسهم من الشَّعر، فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف.
وإني موصيك بعشر: لا تقتلنَّ امرأة ولا صبيا ولا كبيرا هرما، ولا تقطعنَّ شجرا مثمرا، ولا تخربنَّ عامرا، ولا تعقرنَّ شاة ولا بعير إلا لمأكلة، ولا تحرقنَّ نخلا ولا تغرِّقنَّه، ولا تغلل، ولا تجبن " مات يزيد في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة، ولا عقب له وقال الوليد ابن مسلم: مات يزيد بن أبي سفيان سنة تسع عشرة، بعد أن افتتح قيساريَّة.
وأما معاوية بن أبي سفيان فأسلم عام الفتح، هو وأبوه من المؤلفة قلوبهم، ومن الطبقة الأولى في قسم غنائم حنين. وكتب للنبيِّ ﷺ.
ويكنى أبا " عبد الرحمن "، وولي الشام لعمر وعثمان عشرين سنة. وولي الخلافة سنة أربعين، ومكث خليفة عشرين سنة إلا شهرا. وتوفي بدمشق سنة ستين، وهو ابن اثنتين وثمانين سنة. وقال ابن اسحاق: مات وله ثمان وسبعون سنة.
وشهد أبو سفيان حصار الطائف مع النبيِّ ﵇، ورمي بسهم بها ففقأ عينه، وفقئت عينه الأخرى يوم اليرموك. واستعمله النبيُّ ﷺ على نجران، فمات ﵇، وهو وال عليها. ولما أعطاه رسول الله ﷺ وأعطى ابنيه يزيد ومعاوية من غنائم حنين ما أعطاهم قال له أبو سفيان: " والله إنك لكريم، فداك أبي وأمي، والله لقد حاربتك فنعم المحارب كنت، ولقد سالمتك فنعم المسالم كنت، جزاك الله خيرا ".
وكان من أشراف قريش في الجاهلية، وكان تاجرا يجهز التجار بماله وأمواله
1 / 39