[2/ب] في تلك المدة وأن يجعل لهم ذلك ويفرق فيهم مع الطعامات الواسعة، وأنه عين علي في بعضها الحضور على تفريق ذلك فعلوت مرتفعا على المكان المشرف على ذلك، وعند جدار المطبخ اثنان من أهل القوة يعصدان في دست عظيم ويخلفهما مثلهما عند التعب ، وقد وصل من عند الفقيه الفاضل عماد الدين الحمالون بما يقوم بأولئك من الطعام على أنواعه، فأمرت عليه حفظته في جانب ثم يدعى الناس بتوقيع القائمين عليهم ونحن في انتظار تمام أهل التواقيع وحضور الأعوان، والأبواب محفوظة فرأيت امرأة ضعيفة في رأي العين تصيح وعلت الجدار المشرف على ذلك الدست العظيم وأهله في ذلك العمل الشاق، وجزل الحطب ووهيج النار تحته، فلما عاينت العصيد فتحت فاها وأنا أنظر كأن وجهها كله فم، وتقول بصوت مرتفع: اعتقوني أطعموني أو كذا، فصحت بمن كان قريبا منها من أهل ذلك الدست أعطها أعطها وأكثرت فغرف ملئ مغرفة حديد مما تقرب من ثلاثة أرطال وأعطاها ذلك وهي متعلقة بالجدار ولا يقدر أحد من أولئك أن يصعده فقبضتها بكف كأنما هو كله بنان، وجعلتها في فيها مرة واحدة، فناديت الآخرين يعطونها لحما وطعاما آخر، فلم يجدوها وأرسلت في أثرها فلم يرها أحد، فظننت والله أعلم أنها من الجن.
فصل
نذكر فيه بعض صفاته الشريفة وما يتعلق بها وهي: نسبه الشريف، وحليته، وتأريخ مولده، ومدة خلافته، وموضع قبره، ونشأته وعلمه، وخصائصه، وكراماته، وزهده، وورعه، وكرم أخلاقه، وسعة صدره، وحلمه، وسخاؤه، وشجاعته، ومروءته، وصبره، وحسن تأليفه الشارد، ومقابلة الصادر والوارد، وهذا مما لا يحصره فطين، ولا يحيط به قرين، وسيرته، ويسيرا مما امتدحه أهل الفضل والإجادة، وذكر مشاهير العلماء في وقته القائلين بإماماته، ولنتبرك بذكر القليل من الكثير، فالنوء المطير يشير إلى الوابل الغزير، كما أن الأثر يدل على المسير، ووفاته، وموضع [3أ] قبره.
Page 4