وفيها قضية في شظب(1) وهي أن رجلا من بني حجاج أهل الجبل يسمى فلان السيسي كان ملازما للشيخ المجاهد محمد بن داود القحيف، وانطوى الصلح عليه، وله أخ في بلد الظلمة في صلح الترك أخذهم الله، فكان الذي في صلح الإمام -عليه السلام- يدخل مدينة السودة(2) في جملة عسكر الإمام -عليه السلام- بالسلاح الحسن والحال المنظور، فترك بيته(3) وماله ولحق بأخيه، فاستأذن الشيخ محمد من الإمام -عليه السلام-[76/أ] ببقاه عنده، فرخص له الإمام وظن أن ابن المعافا لا يطالبه بشيء بعد تركه ماله وبيته لهم، فلما ألبسه الشيخ محمد السلاح ودخل مع أخيه السودة أغاض ابن المعافا ومن لديه من قبل الترك. فكتب إلى الإمام -عليه السلام- جملة أن من كان عليه لنا مطلبة من الرعية الذين يهربون إلى بلادكم هل يلزمه أم لا؟ فأجابه الإمام -عليه السلام- أن الصلح بيننا وبين الباشا على ذلك فتلزمون من عنده لكم مطلبة ممن هو في صلحكم. فاحتال على ذلك حتى لزمه وجعله في حبس معروف في السودة في الظلمة. فكتب الشيخ إلى الإمام -عليه السلام- وعرفه ذلك، فكان من جوابه أن هذا في صلحهم ولا لنا اعتراضهم ولا لكم، فعندها جمع الشيخ عكسره ليلا ومكانه في المقعد وجعل كمينا في باب السودة، وقبض على أحمد بن يحيى بن شمر صهر ابن المعافا وضربت المرافع في جوانب السودة، وأخذه ليلا وأدخله مكانا مظلما في المقعد. فأرسل ابن المعافا كتبا إلى صنعاء وإلى الإمام -عليه السلام-. وكثرت الكتب، فأرسل الإمام -عليه السلام- عسكرا عليهم الشيخ عبد الله بن أحمد الحارثي على الشيخ محمد بتسليم صاحبهم، فجحد وقال: لا يقدر على خلق مخلوق إلا الله. فلا زال الإمام -عليه السلام- يرسل عليه العسكر حتى بلغوا ثلاثمائة نفر وما زاد على إكرامهم والوصول إلى الإمام -عليه السلام- وقال: أنا ذا عندك افعل في أمرك أو أرسلني إلى الترك وكذا، فرجح الإمام -عليه السلام- بقاء العسكر في بيته ينفق عليهم حتى يسلم هذا الرجل، فلما عظم الأمر خاف ابن المعافا من الترك لا يكون بسببه نقض الصلح، فوسط من أوصل السيسي صاحب الشيخ بيته ليلا، والشيخ أطلق ابن شمر من بيته ليلا وكساه، وأظهر ابن المعافا أنه وجد صاحبه في السودة والشيخ محمد كذلك.
وفيها أن أميرا للعجم سخر جمالا لبدوان في صلح الإمام -عليه السلام- في حازة تهامة، فكتب الإمام -عليه السلام- إلى صنعاء فوصلت الجمال وأجرتها أكثر من أجرت مثلها.
Page 197