وقال تعالى: {إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق}[البروج:10]، أي: عذبوا أهل الأخدود بالقتل وقذفوهم بالنار، وأصحاب العذاب الذي لم يعن ولم يحط بجنب الخاطئ، ولما نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- هذه الآية قالوا: نهلك يا رسول الله وفينا الصالحون؟ قال: ((نعم إذا كثر الخبث)).
وقال الله سبحانه في قصة ناقة صالح: {فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها}[الشمس:14]، أي: فسوى الديار والأرض فوقه {ولا يخاف عقباها}[الشمس:15]، وإنما عقرها رجلان مصبع بن دهر رماها بسهم في رجلها ، والقدار بن سالف عقرها وولدها فرضوا بفعلهما وأكلوا لحمها.
روي أنه أكل من لحمها ألف بيت فنسب الفعل إليهم، فأصابهم جميعا صيحة العذاب إلا من آمن مع صالح وقال سبحانه وتعالى: {كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون}[المائدة:79].
قال ابن عباس: فعله بعضهم، وقال -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ما من رجل يعمل بين ظهراني قوم بالمعاصي هم أعز منه وأمنع لا يغيرون عليه إلا عم الله بعقابه))(1) .
قيل: أوحى الله إلى يوشع بن نون(2) -عليه السلام- وهو النبي بعد موسى وهو صاحبه وفتاه الذي ذكر الله عز وجل وابن أخته، إني مهلك من قومك أربعين ألفا من خيارهم وسبعين ألفا من شرارهم قال: يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ قال: إنهم لا يغضبون لغضبي وواكلوهم وشاربوهم.
نعم والإنكار على مراتب كما قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من رأى منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان )).
Page 168