Jawhar Shaffaf

Ibn Hadi d. 810 AH
94

Jawhar Shaffaf

الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف

إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم(119)ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير(120) الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون(121) { إنا أرسلناك بالحق} أي: بالقرآن والإسلام {بشيرا} أي: مبشر للمؤمنين {ونذيرا} أي: مخوفا ومحذرا للكافرين لا تحد عن الإيمان وهذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه كان يغتم ويضيق صدره لإصرار قريش على الكفر وتصميمهم عليه {ولا تسأل عن أصحاب الجحيم} أي: لست بمسؤول عنهم أو لا تسأل عنهم مالهم لم يؤمنوا بعد أن بلغت وبلغت جهدك في دعوتهم وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لو أن الله أنزل بهم بائسة أي: باليهود لأمنوا فأنزل الله هذه الآية أي: ليس عليك من شأنهم عهده ولا تبعة وروي انه قال: ليت شعري ما فعل أبواي فنهى عن السؤال عن أحوال الكفرة والاهتمام بأعداء الله وقيل: معناه تعظم ما وقع فيه الكفار من العذاب كما نقول كيف فلان سائلا عمن وقع في بلية فقال لك لا تسأل عنه {ولن ترض عنك اليهود ولا النصارى} الآية نزلت في تحويل القبلة، وذلك أن اليهود والنصارى كانوا يرجون أن يرجع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى دينهم فلما صرف الله القبلة إلى الكعبة شق ذلك عليهم ويئسوا منه أن يوافقهم على دينهم فأنزل الله تعالى {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم} وتصلي على ملتهم كأنهم قالوا لن ترضى عنك وإن بلغت وإن طلب رضانا كل غاية حتى تتبع ملتنا إقناطا منهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن دخولهم في الإسلام فحكى الله عز وجل كلامهم {قل إن هدى الله هو الهدى} أي: الصراط الذي دعا إليه وهذا هو طريق الحق وهو الهدى كله ليس ورأه هدى والذي يدعونك إليه إنما هو هوى ولذلك قال. {ولأن اتبعت أهوائهم} أي: أقوالهم وما كانوا يدعونه إليه من المهادنة والإمهال {بعد الذي جاءك من العلم} أي: البيان بأن دين الله هو الإسلام وأنهم على الضلالة {مالك من الله من ولي} أي: قائم يتولى القيام بمصالحك {ولا نصير} ينصرك من الله {الذين أتيناهم الكتاب} يعني موسى اليهود {يتلونه حق تلاوته} أي: يقرؤنه كما أنزل ولا يحرفونه ولا يغيرون ما فيه من نعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم {يؤمنون به} أي بكتابهم المحرفين له {ومن يكفر به} أي: من المحرفين {فأولئك هم الخاسرون} حيث اشتروا الضلالة بالهدى.

Page 102