Jawhar Shaffaf

Ibn Hadi d. 810 AH
129

Jawhar Shaffaf

الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف

{يايها الذين أمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى} نزلت هذه الآية في حيين من العرب وكان لأحدهما شرف على الأخر فقتل الأوضع في الأشرف قتلى فقال الأشرف الحر بالعبد والذكر منكم بالأنثى والإثنين بالواحد والتضاعف الجراح فأنزل الله تعلى هذه الآية ومعنى كتب فرض وواجب عليكم القصاص اعتبارا للمماثلة والتساوي بين القتلى حتى لا يجوز أن يقتل بعبد أو مسلم بكافر واعتبار المماثلة واجب، وهو قوله: {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى} أي: يقتل هذا بهذا ولأجل هذه الآية ذهب ك وش والحسن البصري إلى أن الحر لا يقتل بالعبد ولا الذكر بالأنثى وهو مذهب آبائنا عليهم السلام ويقولون أن هذه الآية مفسرة لما أبهم في قوله النفس بالنفس وعن أبي ح. وعن الشعبي، والنخعي، والثوري، أنها منسوخة بآية المائدة والقصاص ثابت بين الحر والعبد والذكر والأنثى ويستعينون بقوله صلى الله عليه وآله وسلم سفك دمائهم ويأت التفاضل غير معتبر الأنفس بدليل أن جماعة لو قتلوا واحدا قتلوه قال أصحابنا والمائدة وان اقتضت وجرب القصاص من بين كل حرين وعبدين وانثيين غير أن الستة قد خصت وكذلك الإجماع فلمسلم لا يقتل بالكافر ذميا كان أو غير ذميا وإنما تجب الدية وكذلك الأب لا يقتل إبنه، ولا الأم أبنها وكذلك لو قتل الحر عبدا لم يقتل به، وإنما يجب عليه قيمته بالغة ما بلغت نص عليه الهادي عليه السلام في الأحكام وقال في المنتخب: لا يتجاوز بها الدية وأن قتل عبد حرا قتل به ولم يجب عليه سيده خلاف ذلك والرجل إذا قتل امرأة وجب عليه القصاص لا خلاف فيه لاستوائهما في جميع الأحكام ثم اختلفوا بعد ذلك هل يلزم أولياء المقتول نصف دية الرجل أم لا فعند الهادي عليه السلام وكثير من الأئمة أنه يلزمهم نصف الدية إن اختاروا القتل ولا أخذوا نصف الدية وعند م بالله والفريقين لا تلزمهم شيء إن اختاروا القتل وإن قتلت امرأة ولا يستحق على ورثتها شيء لا خلاف فإن جئت عليه فيما دون النفس كان بالخيار وإن شاء أخذ الدية وإن شاء اقتص منها من غير زيادة وإن قتل رجل جماعة لم يكن لأوليائهم إلا قتله فقط ولا يجب عليه شيء أخر وإذا قتل جماعة رجل كان لوليه قتلهم جميعا أم يأخذ من كل واحد دية كاملة عند الهادي عليه السلام وقال م بالله عليه السلام إذا أحب العدول إلى الدية لم يجب له إلا دية واحدة وإن جنى الرجل على المرأة فيما دون النفس فالمذهب إن حكم الجناية على أطرافها على النصوص أطراف الرجل كديتها وهو قول أبي ح وص وش في الجديد وعن ك وغيره من هل العلم أن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية أصبعها كأصبعه وسنها كسنه وموضحتها موضحته ومنقلها كمنقله وهو قول ش في القديم فإذا بلغت ثلثي الدية كانت على النصف من دية الرجل فمضى بما جمعه أي تساويه في العقل إلى قدر ثلث الدية لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلغ الثلث من ديتها)) رواه النسائي والدارقطني.

وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال: سألت سعيد بن المسيب كم في أصبع المرأة قال: عشرة من الإبل قلت: وكم في أصبعين قال: عشرون من الإبل، قلت وكم في ثلاثة أصابع قال: ثلاثون قلت: وكم في أربعة أصابع قال: عشرون من الإبل قلت: حين عظم حرفها واشتدت مصيبتها نقص عقلها فقال سعيد: أعراقي أنت قلت بل عالم مثبت أو جاهل متعلم قال هي السنة يا بن أخي رواه مالك.في الموطأ وهذا مخالف لأصول أصحابنا {فمن عفي له من أخيه شئ} أي: من ترك له من دم أخيه المذكور شئ وهو أن يعفوا بعض الأولياء فيسقط القود {فاتباع بالمعروف} أي: يعلم العافي الذي هو ولي الدم أن يتبع القاتل بالمعروف بالحسن والرفق وهذه توصية المعفو عنه والعافي جميعا والمعنى: قلت: يقع الولي القاتل بالمعروف وهو أن لا يعنف به ولا يطالبه إلا مطالبة جميلة {وأداء إليه بإحسان} أي: وليؤد القاتل إلى الولي بدل الدم أداء بإحسان بأن لا يمطله ولا يبخسه .

Page 145