69

Jawhar Muqtasar

الجوهر المقتصر لأبي بكر أحمد بن عبد الله الكندي

Genres

مسالة أنا لو سلمنا هذا الوجه لآل إلى تعجيز القدير وبطلان إرادته، فإن الإجماع الذي لا منا كرة فيه أن يكون شيء قط إلا بإرادة الله تعالى والإجماع من أهل الحق إرادة الله صفة من صفات ذاته فإذا ثبت أنها من صفات ذاته سقط منها التعدد، ووجب أن تكون إرادة ذاتية متعلقة بجميع المحدثات لأن الذات واحدة، فإذا ثبت ذلك فلا يد إذا جاز أن يقال إن الله قادر على جمع الأضداد وإن جمع الأضداد ممكن ليس بمحال، أن يكون البارئ سبحانه إذا أراد فعل ذلك أن يكون مريدا للشيء

لا مريدا له، فلا بد إلا من تعجيز وبطلان إرادته على مذهبهم الشنيع، فإن إذا أراد كون الشيء فقد أراد [58] أن لا يكون ضده، فإذا أدار كون ضده فقد أراد أن لا يكون هو لا يخلو على هذه الصفة أن يكون أو لا يكون، فإن يكن كان ما لم يرد وإن لم يكن لم تنفذ إرادته.

بيان ذلك أنا إذا قلنا: إنه قادر على أن يجمع الحركة والسكون في محل واحد، وأن ذلك ممكن أن يفعله، فلو أراد فعله فلا بد أن يكون مريدا لسكون الحركة لا مريدا لها لإرادته كون الشيء مربدا لكون السكون لا مريدا له لإرادته كون الحركة فإنه إذا قال له مثلا اسكن فقد أراد أن يتحرك، وإذا قال له تحرك، فقد أراد أن لا يسكن فلا بد من بطلان إحدى الإرادتين، وذلك تعجيز للموصوف بالقدرة على هذه الصفة سبحان الله تعالى عما يصفون!! لأنه متى تحرك فقد ترك السكون، ومتى سكن فقد ترك الحركة، والله أعلم، وبه التوفيق.

وإذا قال له تحرك اسكن في اسكن في حال واحدة، فهذا خروج عن الحكمة، لأنه إذا قال له تحرك اسكن في حال واحدة، فكأنه قال له لا تسكن لا تتحرك في حال واحد، من حيث إن قوله تحرك، أي تحرك من مكانك الذي أنت شاغل له ولا تلبث فيه.

وقوله له: اسكن في حال حركتك أي البث في مكانك في حال نقلتك منه ولا تبرح عنه في حال خروجك.

Page 76