قلنا: الجواب عندنا أن الله على شيء قدير، وهذا السؤال فاسد منتقض ينفى بعضه لأنه لما قال يقدر يقسمه دل على أنه أراد يقدر يفرقه فيذهب باجتماعه، والتأليف الحال فيه. فلما أن قال بعد قسمه حتى لم يبق شيء من أجزائه ينقسم فدل على أنه أراد بعد أن لا يبقى في شيء من أجزائه تأليف ولا اجتماع، فكأنه قال: يقدر يذهب باجتماع ما ليس بمجتمع أي يعدم ما هو معدوم؟! فهذا هو التنافي فافهم ذلك، والله أعلم وبه التوفيق للحق والصواب.
مسألة: ويقال إن كابر على إثبات قسم الجوهر الواحد اخبرنا أيها المنازع لنا المخالف لأصلنا، أليس الله تعالى أن يخلق شيئا ما، لا متحيزا يتجزأ ولا ينقسم في الحقيقة عنده أن يكون ذاته ذاتا لا تنقسم، فإن قال لا فقد كفر. وإن قال بلى وهو الحق، قلنا فذلك هو الذي قلنا إنه جوهر عند العلماء بالحقائق ولا يعلم بهذه المثابة يكون شيء غيره.
قلنا: فإذا خلق سبحانه هذا الذي هو سبحانه قسمه وتجزئته أم لا، فما يكون الجواب؟
فإن قال: إنه قادر على تجزئته وقسمه فقد عجزه سبحانه من حيث إنه خلق شيئا لا ينقسم في الحقيقة عنده إذ لو قدر على ذلك لما كان ينقسم البتة.
وإن قال: إنه لا يقدر على ذلك فقد عجزه الآن، وهذا كفر بالله العظيم وخروج من التوحيد. فإن قال: ما الجواب عندكم؟، قلنا: الجواب أن الله تعالى على كل شيء قدير، وأنت فقد ناقضت في سؤالك وخالفت أوله آخره على ما بينا في المسألة المتقدمة فقد اتضح بحمد الله السبيل وقامت الحجة والدليل على [52] باطل قول من نازعنا وكابرنا بلا بيان ودافعنا. والحمد الله رب العالمين وصلى الله على رسول الأمين محمد وآله أجمعين وسلم تسليما.
الباب الحادي والعشرون
باب بيان حقيقة الأضداد والرد على المنازع لنا فيما
Page 68