وأما الجواب له أن يقال له: إن الله تبارك وتعالى ليس له مثل، وهذا سؤال محال فاسد. ولا يجوز أن يقال: هل يقدر الله أن يخلق مثله؟ فأحال في مسألته إذ شبه الخالق بالمخلوق والله تعالى لم يزل ثم أحدث الأشياء وهو القديم فبل كل شيء وهو الخالق لكل مخلوق، ولا يجوز أن يقال ذلك لأنه كأنه قال يقدر يخلق من لم يزل، وهذا محال لآن الله لم يزل والذي يكون مخلوقا محدثا، ولا يشبه المحدث بمن لم يزل ولا المخلوق بالخالق، فالسؤال فاسد لا يجوز لقائله؛ لأن الأشياء محدثة ولا يشبه المحدث بالقديم الذي لم يزل.
وقوله: هل الله أن يخلق مثله قديما في الأزل؟ فيكونا قديمين؟ وهذا فاسد أن يكون يحدث قديما في الأزل، فهذا فاسد أن يكون يخلق خالقا مثله، فهذا محال فاسد لا يصح من المعقول، ولا يجوز أن يوصف الله تعالى بذلك.
قال المتأمل: الواجب أن تعتبر العلة التي من أجلها قضى على هذا السؤال بحكم الفساد والمحال كل الاعتبار ويتأمل غاية التأمل بصادق الأفكار، ثم ينظر فيها هل هي موجودة في المسألة الجوهرية واجتماع الأضداد أم لا، فإن وجدت هنالك فما الفرق بينهما؟!
مسألة: والذي عندي أن العلة هاهنا الموجبة لفساد هذا السؤال واستحالته هي تنافى أول السؤال عن آخر ومخالفته له، وإنما يصح السؤال أن يكون آخره موافقا لأوله على ما بينا في شرط صحة السؤال وفساده.
Page 53