Jawamic Sira
جوامع السيرة النبوية
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
-
Publisher Location
بيروت
ثم رحل، فأخبر عن جبلى الصفراء، وأن اسميهما: مسلح ومخرئ، وأن سكانهما بنو النار وبنو حراق، بطنان من غفار، فكره النبى ﷺ هذه الأسماء، فترك الجبلين، وترك الصفراء على اليسار، وأخذ ذات اليمين على وادى ذفران؛ فلما خرج منه نزل.
وأتاه الخبر بخروج نفير قريش لنصر العير، فأخبر أصحابه، رضوان الله عليهم، واستشارهم فيما يعملون. فتكلم كثير من المهاجرين فأحسنوا، فتمادى فى الاستشارة وهو يريد ما يقول الأنصار، فبادر سعد بن معاذ، وسارع فى فنون من القول الجميل، وكان فيما قال: لو استعرضت هذا البحر بنا لخضناه معك، فسر بنا يا رسول الله على بركة الله تعالى. فسر رسول الله ﷺ بذلك، فقال: «سيروا وأبشروا، فإن الله ﷿ قد وعدنى إحدى الطائفتين» .
ثم رحل من ذفران، فسلك على ثنايا يقال لها الأصافر إلى الدبة، ونزل الحنان، وهو كثيب عظيم كالجبل على ذات اليمين، ثم نزل قريبا من بدر، وركب مع رجل من أصحابه مستخبرا ثم انصرف، فلما أمسى بعث عليا والزبير وسعد بن أبى وقاص فى نفر إلى بدر يلتمسون الخبر، فأصابوا راوية «١» لقريش، فيها أسلم غلام بنى الحجاج السهمين، وأبو يسار عريض غلام بنى العاص بن سعيد الأمويين، فأتوا بهما، ورسول الله ﷺ قائم يصلى. فسألوهما: لمن أنتما؟ فقالا: نحن سقاة قريش. فكره أصحاب رسول الله ﷺ هذا الخبر، وكانوا يرجون أن يكونا من العير، لعظم الغنيمة فى العير وقلة المثونة فيها، ولأن الشوكة فى نفر قريش شديدة. فجعلوا يضربونهما، فإذا آذاهما الضرب قالا: نحن من عير أبى سفيان. فسلم رسول الله ﷺ ثم
_________
(١) الراوية هى الناقة التى يستقى عليها القوم الماء.
1 / 83