Al-Jawāhir al-Ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
Genres
وقوله سبحانه استغفر لهم أو لا تستغفر لهم المعنى أن الله خير نبيه في هذا فكأنه قال له إن شئت فاستغفر لهم وإن شئت لا تستغفر ثم أعلمه أنه لا يغفر لهم وإن استغفر سبعين مرة وهذا هو الصحيح في تأويل الآية لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر إن الله قد خيرني فاخترت ولو علمت إني إذا زدت على السبعين يغفر لهم لزدت الحديث وظاهر لفظ الحديث رفض إلزام دليل الخطاب وظاهر صلاته صلى الله عليه وسلم على ابن أبي أن كفره لم يكن يقينا عنده ومحال أن يصلي على كافر ولكنه راعى ظواهره من الإقرار ووكل سريرته إلى الله عز وجل وعلى هذا كان ستر المنافقين وإذا ترتب كما قلنا التخيير في هذه الآية صح إن ذلك التخيير هو الذي نسخ بقوله تعالى في سورة المنافقين سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم ت والظاهر أن الآيتين بمعنى فلا نسخ فتأمله ولولا الإطالة لا وضحت ذلك قال ع وأما تمثيله بالسبعين دون غيرها من الأعداد فلأنه عدد كثيرا ما يجيء غاية ومقنعا في الكثرة
وقوله ذلك إشارة إلى امتناع الغفران
وقوله عز وجل فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله الآية هذه آية تتضمن وصف حالهم على جهة التوبيخ وفي ضمنها وعيد وقوله المخلفون لفظ يقتضي تحقيرهم وانهم الذين أبعدهم الله من رضاه ومقعد بمعنى القعود وخلاف معناه بعد ومنه قول الشاعر ... فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى ... تأهب لأخرى مثلها فكأن قد ...
يريد بعد الذي مضى وقال الطبري هو مصدر خالف يخالف وقولهم لا تنفروا في الحر كان هذا القول منهم لأن غزوة تبوك كانت في شدة الحر وطيب الثمار
وقوله سبحانه فليضحكوا قليلا إشارة إلى مدة العمر في الدنيا
وقوله وليبكوا كثيرا إشارة إلى تأبيد الخلود في النار فجاء بلفظ الأمر ومعناه الخبر عن حالهم وتقدير الكلام ليبكوا كثيرا إذ هم معذبون جزاء بما كانوا يكسبون وخرج ابن ماجه بسنده عن يزيد الرقاشي عن أنس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم يرسل البكاء على أهل النار فيبكون حتى تنقطع الدموع ثم يبكون الدم حتى تصير في وجوههم كهيئة الأخدود لو أرسلت فيها السفن لجرت وخرجه ابن المبارك أيضا عن أنس قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يا أيها الناس أبكوا فإن لم تبكوا فتباكوا فإن أهل النار تسيل دموعهم في وجوههم كأنها جداول حتى تنقطع الدموع فتسيل الدماء فتقرح العيون فلو أن سفنا اجريب فيها لجرت انتهى من التذكرة وقوله سبحانه فإن رجعك الله إلى طائفة منهم الآية يشبه أن تكون هذه الطائفة قد حتم عليها بالموافاة على النفاق وعينوا للنبي صلى الله عليه وسلم
Page 146