350

Al-Jawāhir al-Ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

Genres

وقوله سبحانه وأما تخافن من قوم خيانة الآية قال اكثر المفسرين أن الآية في بني قريظة والذي يظهر من ألفاظ الآية أن أمر بني قريظة قد انقضى عند قوله فشرد بهم من خلفهم ثم ابتدأ تبارك وتعالى في هذه الآية بما يصنعه في المستقبل مع من يخاف منه خيانة إلى آخر الدهر وبنو قريظة لم يكونوا في حد من تخاف خيانته وقوله فأنبذ إليهم أي الق إليهم عهدهم وقوله على سواء قيل معناه حتى يكون الأمر في بيانه والعلم به على سواء منك ومنهم فتكونون في استشعار الحرب سواء وذكر الفراء أن المعنى فأنبذ إليهم على اعتدال وسواء من الأمر أي بين لهم على قدر ما ظهر منهم لا تفرط ولا تفجأ بحرب بل افعل بهم مثل ما فعلوا بك يعني موازنة ومقايسة وقرأ نافع وغيره ولا تحسبن بالتاء مخاطة للنبي صلى الله عليه وسلم وسبقوا معناه فأتوا بأنفسهم وانجوها أنهم لا يعجزون أي لا يفلتون ولا يعجزون طالبهم وروي أن الآية نزلت فيمن أفلت من الكفار في بدر وغيره فالمعنى لا تظنهم ناجين بل هم مدركون وقرأ حمزة وغيره ولا يحسبن بالياء من تحت وبفتح السين وقوله سبحانه وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة الآية المخاطبة في هذه الآية لجميع المؤمنين وفي صحيح مسلم إلا أن القوة الرمي إلا أن القوة الرمي ولما كانت الخيل هي أصل الحرب وأوزارها والتي عقد الخير في نواصيها خصها الله تعالى بالذكر تشريفا لها ولما كانت السهام من أنجع ما يتعاطى في الحرب وانكاه في العدو وأقربه تناولا للأرواح خصها صلى الله عليه وسلم بالذكر والتنبيه عليها ت وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من تعلم الرمي وتركه فليس منا أو قد عصى وفي سنن أبي داود والترمذي والنسائي عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أن الله ليدخل بالسهم الواحد ثلاثة انفس الجنة صانعه يحتسب في صنعته الخير والرامي به ومنبله فارموا واركبوا وإن ترموا أحب إلي من أن تركبوا كل شيء يلهوبه الرجل باطل إلا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته امرأته انتهى ورباط الخيل مصدر من ربط ولا يكثر ربطها إلا وهي كثيرة ويجوز أن يكون مصدرا من رابط وإذا ربط كل واحد من المؤمنين فرسا لأجل صاحبه فقد حصل بينهم رباط عليه السلام من ارتبط فرسا في سبيل الله فهو كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ت وقد ذكرنا بعض ما ورد في فضل الرباط في آخر آل عمران قال صاحب التذكرة وعن عثمان بن عفان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رابط ليلة في سبيل الله كانت له كالف ليلة صيامها وقيامها وعن أبي بن كعب قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لرباط يوم في سبيل الله من وراء عورة المسلمين محتسبا من غير شهر رمضان أعظم أجرا من عبادة مائة سنة صيامها وقيامها ورباط يوم في سبيل الله من وراء عورة المسلمين من شهر رمضان أفضل عند الله وأعظم أجرا أراه قال من عبادة ألفي سنة صيامها وقيامها فإن رده الله إلى أهله سالما لم تكتب عليه سيئة ألف سنة ويكتب له من الحسنات ويجري له أجر الرباط إلى يوم القيامة قال القرطبي في تذكرته فدل هذا الحديث على أن رباط يوم في رمضان يحصل له هذا الثواب الدائم وإن لم يمت مرابطا خرج هذا الحديث والذي قبله ابن ماجه انتهى من التذكرة وترهبون معناه تخوفون وتفزعون والرهبة الخوف

وقوله وآخرين من دونهم فيه أقوال قيل هم المنافقون وقيل فارس وقيل غير هذا قال ع ويحسن أن يقدر قوله لا تعلمونهم بمعنى لا تعلمونهم فازعين راهبين وقال ص لا تعلمونهم بمعنى لا تعرفونهم

Page 107