Al-Jawāhir al-Ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
Genres
و { السلم }: الصلح.
[4.91]
وقوله تعالى: { ستجدون ءاخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم... } الآية: لما وصف الله سبحانه المحققين في المتاركة وإلقاء السلم، نبه على طائفة مخادعة كانوا يريدون الإقامة في مواضعهم مع أهليهم، يقولون لهم: نحن معكم وعلى دينكم، ويقولون أيضا للمسلمين: نحن معكم، وعلى دينكم؛ خبثة منهم وخديعة، وقوله: { إلى الفتنة }: معناه: إلى الاختبار، حكي أنهم كانوا يرجعون إلى قومهم، فيقال لأحدهم: قل: ربي الخنفساء، ربي العود، ربي العقرب، ونحوه، فيقولها، ومعنى: { أركسوا }: أي: رجعوا رجع ضلالة، أي: أهلكوا في الاختبار بما واقعوه من الكفر، وهذه الآية حض على قتل هؤلاء المخادعين؛ إذا لم يرجعوا عن حالهم، و { ثقفتموهم }: مأخوذ من الثقاف، أي: ظفرتم بهم، مغلوبين متمكنا منهم، والسلطان: الحجة، قال عكرمة: حيثما وقع السلطان في كتاب الله عز وجل، فهو الحجة.
[4.92]
وقوله تعالى: { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ... } الآية: قال جمهور المفسرين: معنى الآية: وما كان في إذن الله، وفي أمره للمؤمن أن يقتل مؤمنا بوجه، ثم استثنى استثناء منقطعا ليس من الأول، وهو الذي تكون فيه «إلا» بمعنى «لكن»، والتقدير: لكن الخطأ قد يقع، ويتجه في معنى الآية وجه آخر، وهو أن تقدر «كان» بمعنى «استقر»، و «وجد»؛ كأنه قال: وما وجد، ولا تقرر، ولا ساغ لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ؛ إذ هو مغلوب فيه، فيجيء الاستثناء على هذا متصلا، وتتضمن الآية على هذا إعظام العمد، وبشاعة شأنه.
وقوله تعالى: { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ... } الآية: حقيقة الخطإ ألا يقصده بالقتل، ووجوه الخطإ كثيرة لا تحصى، يربطها عدم القصد.
قال ابن عباس وغيره: الرقبة المؤمنة: هي الكبيرة التي قد صلت وعقلت الإيمان، وقالت جماعة، منهم مالك بن أنس: يجزىء كل من يحكم له بحكم الإسلام في الصلاة عليه، إن مات، قال مالك: ومن صلى وصام أحب إلي، ولا يجزىء ذو العيب الكثير؛ كأقطع اليدين، أو الرجلين، أو الأعمى؛ إجماعا فيما علمت ، و { مسلمة }: معناه: مؤداة مدفوعة، وهي على العاقلة فيما جاوز ثلث الدية، و { إلا أن يصدقوا }: يريد: أولياء القتيل، وقوله: { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن... } الآية: أي: وإن كان هذا المقتول خطأ مؤمنا قد آمن، وبقي في قومه، وهم كفرة عدو لكم، فلا دية فيه، وإنما كفارته تحرير الرقبة؛ قاله ابن عباس وغيره، وسقطت الدية عندهم؛ لوجهين:
أحدهما: أن أولياء المقتول كفار، فلا يصح دفع الدية إليهم.
والآخر: قلة حرمة هذا المقتول، فلا دية فيه.
واحتجوا بقوله تعالى:
Unknown page