169

al-Gawahir al-hisan fi tafsir al-Qurʾan

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

Genres

قوله تعالى: { ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى } قال الطبري عن السدي: إن السائل ثابت بن الدحداح، وقال قتادة وغيره: إنما سألوه؛ لأن العرب في المدينة وما والاها، كانوا قد استنوا بسنة بني إسرائيل في تجنب مواكلة الحائض، ومساكنتها، فنزلت الآية.

وقوله تعالى: { فاعتزلوا النسآء في المحيض } يريد: جماعهن بما فسر من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن تشد الحائض إزارها، ثم شأنه بأعلاها.

قال أحمد بن نصر الداوودي: روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

" اتقوا النساء في المحيض؛ فإن الجذام يكون من أولاد المحيض "

انتهى.

قوله تعالى: { ولا تقربوهن حتى يطهرن } ، وقرأ حمزة وغيره «يطهرن»؛ بتشديد الطاء والهاء، وفتحهما، وكل واحدة من القراءتين يحتمل أن يراد بها الاغتسال بالماء، وأن يراد بها انقطاع الدم، وزوال أذاه، قال ابن العربي في «أحكامه»: سمعت أبا بكر الشاشي يقول: إذا قيل: لا تقرب؛ بفتح الراء، كان معناه: لا تلتبس بالفعل، وإذا كان بضم الراء، كان معناه لا تدن منه. انتهى.

وجمهور العلماء على أن وطأها في الدم ذنب عظيم يتاب منه، ولا كفارة فيه بمال، وجمهورهم على أن الطهر الذي يحل جماع الحائض، هو بالماء؛ كطهر الجنب، ولا يجزىء من ذلك تيمم ولا غيره.

وقوله تعالى: { فإذا تطهرن... } الآية: الخلاف فيها كما تقدم، وقال مجاهد وجماعة: { تطهرن } ، أي: اغتسلن بالماء بقرينة الأمر بالإتيان؛ لأن صيغة الأمر من الله تعالى لا تقع إلا على الوجه الأكمل، و { فأتوهن }: أمر بعد الحظر يقتضي الإباحة، والمعنى: من حيث أمركم الله باعتزالهن، وهو الفرج، أو من السرة إلى الركبة؛ على الخلاف في ذلك، وقال ابن عباس: المعنى: من قبل الطهر، لا من قبل الحيض، وقيل: المعنى من قبل حال الإباحة، لا صائمات ولا محرمات، ولا غير ذلك، والتوابون: الرجاعون، وعرفه من الشر إلى الخير، والمتطهرون: قال عطاء وغيره: المعنى: بالماء، وقال مجاهد وغيره: المعنى: من الذنوب.

[2.223]

وقوله تعالى: { نساؤكم حرث لكم... } الآية: مبيحة لهيئات الإتيان كلها، إذا كان الوطء في موضع الحرث، ولفظة «الحرث» تعطي أن الإباحة لم تقع إلا في الفرج خاصة؛ إذ هو المزدرع.

Unknown page