al-Gawahir al-hisan fi tafsir al-Qurʾan
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
Genres
انتهى.
{ وحين البأس } ، أي: وقت شدة القتال، هذا قول المفسرين في الألفاظ الثلاثة، تقول العرب: بئس الرجل إذا افتقر، وبؤس إذا شجع، ثم وصف تعالى أهل هذه الأفعال البرة بالصدق في أمورهم، أي: هم عند الظن بهم والرجاء فيهم؛ كما تقول: صدقني المال، وصدقني الرمح، ووصفهم تعالى بالتقى، والمعنى: هم الذين جعلوا بينهم وبين عذاب الله وقاية.
[2.178-179]
وقوله تعالى: { يأيها الذين ءامنوا كتب عليكم القصاص... } الآية: { كتب }: معناه: فرض، وأثبت، وصورة فرض القصاص، هو أن القاتل فرض عليه، إذا أراد الولي القتل، الاستسلام لأمر الله، وأن الولي فرض عليه الوقوف عند قتل وليه، وترك التعدي على غيره، فإن وقع الرضا بدون القصاص من دية أو عفو، فذلك مباح، والآية معلمة أن القصاص هو الغاية عند التشاح، و { القصاص }: مأخوذ من: قص الأثر؛ فكأن القاتل سلك طريقا من القتل، فقص أثره فيها.
روي عن ابن عباس؛ أن هذه الآية محكمة، وفيها إجمال فسرته آية «المائدة»، وأن قوله سبحانه: { الحر بالحر } يعم الرجال والنساء، وأجمعت الأمة على قتل الرجل بالمرأة، والمرأة بالرجل.
وقوله تعالى: { فمن عفي له من أخيه شيء... } الآية: فيه تأويلات:
أحدها: أن «من» يراد بها القاتل، و «عفي»: تتضمن عافيا، وهو ولي الدم، والأخ: هو المقتول، و «شيء»: هو الدم الذي يعفى عنه، ويرجع إلى أخذ الدية، هذا قول ابن عباس، وجماعة من العلماء، والعفو على هذا القول على بابه.
والتأويل الثاني: وهو قول مالك؛ أن «من» يراد بها الولي، وعفي: بمعنى: يسر، لا على بابها في العفو، والأخ: يراد به القاتل، و «شيء»: هي الدية، والأخوة على هذا أخوة الإسلام.
والتأويل الثالث: أن هذه الألفاظ في معنى: الذين نزلت فيهم الآية، وهم قوم تقاتلوا، فقتل بعضهم بعضا، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلح بينهم، ويقاصهم بعضهم من بعض بالديات على استواء الأحرار بالأحرار، والنساء بالنساء، والعبيد بالعبيد، فمعنى الآية: فمن فضل له من إحدى الطائفتين على الأخرى شيء من تلك الديات، وتكون: «عفي» بمعنى فضل.
وقوله تعالى: { فاتباع }: تقديره: فالواجب والحكم: اتباع، وهذا سبيل الواجبات؛ كقوله تعالى:
Unknown page