Jawahir Balagha
جواهر البلاغة: في المعاني والبيان والبديع
Publisher
المكتبة العصرية
Publisher Location
بيروت
Genres
المبحث الأول في حقيقة الخبر
ألخبرُ: كلامٌ يحتملُ الصدق والكذب لذاته (١)
وإن شئت فقل «الخبرُ هو ما يتحقّق مدلولهُ في الخارج بدون النطق به» نحو: العلم نافعٌ، فقد أثبتنا صفة النَّفع للعلم، وتلك الصَّفة ثابتة له (سواء تلفظت بالجملة السابقة أم لم تتلفّظ) لأن نفع العلم أمرٌ حاصل في الحقيقة والواقع، وإنما أنت تحكى ما اتَّفق عليه الناس قاطبة، وقضت به الشرائع، وهدت إليه العقولُ، بدون نظر إلى إثبات جديد.
والمراد: بصدق الخبر مُطابقته للواقع ونفس الأمر
والمراد بكذبه عدم مطابقته له، فجملة: العلم نافع - ان كانت نسبتُه الكلاميَّة (وهي ثبوت النفع المفهومة من تلك الجملة) مطابقةً للنسبة الخارجيّة - أي موافقة لما في الخارج والواقع «فصدقٌ» وإلا «فكذب» نحو «الجهل نافع» فنسبته الكلامية ليست مطابقة وموافقة للنسبة الخارجية (٢)
المقاصد والأغراض التي من أجلها يُلقى الخبر
ألأصلُ في الخبر أن يلقى لأحد غرضين
_________
(١) أي بقطع النظر عن خصوص المخبر، أو خصوص الخبر - وإنما ينظر في احتمال الصدق والكذب إلى الكلام نفسه لا إلى قائل: وذلك لتدخل الاخبار الواجبة الصدق كأخبار الله تعالى، وأخبار رسله، والبديهيات المألوفة - نحو السماء فوقنا - والنظريات المتعين صدقها، لا تحتمل شكا كاثبات العلم والقدرة للمولى ﷾ ولتدخل الأخبار لواجبة الكذب كأخبار المنبئين في دعوى النبوة.
(٢) فمطابقة النسبة الكلامية للنسبة الخارجية ثبوتا ونفيا صدق - وعدم المطابقة كذب - فالنسبة التي دل عليها الخبر وفهمت منه تسمى كلامية، والنسبة التي تعرف من الخارج بقطع النظر عن الخبر تسمى خارجية- فحينئذ هناك نسبتان نسبة تفهم من الخبر، ويدل عليها الكلام وتسمى النسبة الكلامية - ونسبة أخرى تعرف من الخارج بقطع النظر عن الخبر وتسمى النسبة الخارجية.
فما وافق الواقع فهو صدق، وما خالف الواقع فهو كذب.
1 / 55