Jawahir Balagha
جواهر البلاغة: في المعاني والبيان والبديع
Publisher
المكتبة العصرية
Publisher Location
بيروت
Genres
المبحث الأول في الإيجاز وأقسامه
الايجاز - هو وضع المعاني الكثيرة في ألفاظ أقل (١) منها، وافية بالغرض المقصود، مع الإبانة والإفصاح، كقوله تعالى (خذ العفو وأمرُ بالعرف وأعرض عن الجاهلين)
فهذه الآية القصيرة جمعت مكارم الأخلاق بأسرها - وكقوله تعالى (ألا لهُ الخلقُ والأمر) وكقوله ﵊ «إنّما الأعمال بالنِّيات» فاذا لم تف العبارة بالغرض سمى «إخلالا وحذفًا رديئا» كقول اليشكري
والعيش خيرٌ في ظلا ل النوك ممّن عاش كدا
«مرادهُ: أنّ العيشَ الناعم الرغد في حال الحُمق والجهل، خيرٌ من العيش الشاق في حال العقل» لكن كلامه لا يُعدّ صحيحًا.
مقبولا
(١) بأن يكون اللفظ أقل من المعهود عادة، مع وفائه بالمراد، فان لم يف كان الايجاز إخلالا وحذفا رديئا فلا يعد الكلام صحيحًا مقبولا - كقول عروة بن الورد عجبت لهم إذ يقتلون نفوسهم ومقتلهم عند الوغى كان أعذارا يريد: إذ يقتلون نفوسهم في السلم - لكن صوغ كلامه لا يدل عليه، ومثله قول بعضهم نثرا (فان المعروف إذا زجا كان أفضل منه إذا وفر وأبطأ) ولأجل تمام ما يريد: كان عليه أن يقول - إذا قل وزجا، ولا يعد مثل هذا الكلام صحيحًا مقبولا واعلم أن متعارف أوساط البلغاء هم الذين لم يرتقوا إلى درجة البلغاء، ولم ينخرط إلى درجة البسطاء، فالمساواة: هي الدستور الذي يقاس عليه كل من الإيجاز والاطناب
1 / 197