ذكره كتاب الشفاء (¬1) ولا يعارض هذا بمثل قوله - عليه السلام - :«لا تفضلوني على أخي يونس بن متى» (¬2) وهذا قليل في تواضعه - عليه السلام - وما وصفه الله به من الخلق العظيم، وذلك إماطة لما يتخيل في قلوب من لم يعرفوا تعظيم درجة النبوءة من قوله تعالى: { ولا تكن كصاحب الحوت } [القلم:48] ولولا أن القرآن صرح بظواهره بتفضيل سيد الأولين والآخرين، والسنة بذلك والإجماع منعقد عليه ما لقم (¬3) أفواه الملحدين في الربوبية والرسالة الوصف كذا (¬4) وللاحقهم (¬5) الشياطين من مثل ظواهر هذه الأحاديث الواردة من تواضعه - عليه السلام - وتعليمه لأمته كيف ينزلون أنفسهم مع من دونهم ما يزلون (¬6) به من (¬7) غوغائهم كما فعلت بهم في تفضيل بعض الصحابة على أبي بكر وعمر- رضي الله عنهما-.
¬__________
(¬1) - القاضي عياض في «الشفاء» أورد الحديث أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جاءه رجل فقال: «يا خير البرية، فقال: ذلك إبراهيم» ولم يعلق عليه بشيء، وأتبعه الشارح شهاب الدين الخفاجي بقوله: «وهو [أي إبراهيم] في الحقيقة أفضل البرية والرسل بعد نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم، وقال السيوطي: إنه متفق عليه». انظر القاضي عياض، نسيم الرياض في شرح الشفاء:ج02، ص374. انظر ترجمته في الملحق، رقم:10.
(¬2) - مسلم نحوه برقم: 2373، والحاكم نحوه برقم:4122 .
(¬3) - الكلمة غير واضحة في الأصل وب وهي «لقم» في ج أي سد فمه.
(¬4) - سقط من ب «كذا» ومعنى الجملة أنه لولا قطعية الأدلة في ثبوتها ودلالتها على تفضيل محمد - صلى الله عليه وسلم - على الأولين والآخرين لما أثبت له الملحدون ومرضى القلوب هذه الأفضلية من غير قاطع دليل والله أعلم.
(¬5) - الكلمة غير واضحة في الأصل وب وهي «وللاحقهم» في ج.
(¬6) - قال تعالى: { إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا } [آل عمران:155].
(¬7) - يبدو أن «من» هنا للتبعيض.
Page 48