ما دامت الأرواح في الأبدان، والإنسان حي بالحياة ولكن الأرواح مودعة في القوالب، ولها ترق في حال النوم، ومفارقة للبدن ثم رجوع (¬1) إليها وأن الإنسان هو الروح والجسد لأن الله تعالى سخر هذه الجملة بعضها لبعض، والحشر يكون للجملة، والمثاب المعاقب الجملة. والأرواح مخلوقة، ومن قال بقدمها فهو مخطئ خطأ عظيما، والأخبار تدل على أنها أعيان لطيفة. والنفس لفظ مشترك يقع ويراد به الذات مثل: جاءني زيد نفسه، ومثل قوله تعالى: { رسول من انفسكم } [التوبة:128] على القراءة المشهورة بضم الفاء، ويقع أيضا ويراد به الدم، ومنه اشتقاق النفساء، ويراد به الروح، ومنه قوله تعالى: { إن الله اشترى من المومنين أنفسهم وأموالهم } [التوبة:111]. وأظن سؤالك عن هذه المناسبة (¬2) [في] سؤالك عن الروح.
ونفس الشيء في اللغة وجوده قال القشيري في رسالته: »ليس المراد من إطلاق لفظ (¬3) النفس الوجود ولا القالب المصوغ وإنما أرادوا بالنفس ما كان معلوما (¬4) من أوصاف العبد ومذموما من أفعاله وأخلاقه، ثم إن المعلومات من أوصاف العبد على ضربين:
- أحدهما: يكون كسبا له كمعاصيه ومخالفته.
- والثاني: أخلاقه الدنيئة فهي في أنفسها مذمومة فإذا عالجها العبد وبازلها بالمجاهدة تنتفي (¬5) عنه تلك الأخلاق على مستمر العادة .
¬__________
(¬1) - في الأصل وج »الرجوع« والتصحيح من ب.
(¬2) - في ب »وأظن سؤالك عن هذا لمناسبة« والعبارة غير واضحة في ج.
(¬3) - سقط من الأصل وج »لفظ« والإضافة من ب.
(¬4) - في ب »معلولا«.
(¬5) - في ج »تنفي«.
Page 18