ثم جاء القطب اطفيش فأقر القولين معا وجمع بينهما وبين أن الاستطاعة تكون قبل الفعل ومعه، فقال-رحمه الله- تفسيرا لقوله تعالى: { إنك لن تستطيع معي صبرا } [الكهف:67]: «وأنا أقول تطلق معه وتطلق أيضا قبله، كما يقال: لفلان طاقة على كذا ولو قبل فعله، وكما وردت في الحج قبله ولا فرق». انظر القطب، التيسير:ج08، ص391. و:ج02، ص406. بتحقيق طلاي 5) - والله عز وجل خالق لأفعالنا خلافا لهم (¬1) لادعائهم خلق أفعالهم دون الله، وما أقبحها من (¬2) مقالة بعد قول الخالق: { هل من خالق غير الله } [فاطر:03] ولنا عليهم إجماع الأمة أن الله عز وجل لا يكون في ملكه ما لا يريد، والأدلة عليهم أكثر من أن تحصى. والعبد مختار ومكتسب، خلافا (¬3) للجبرية ولنا عليهم قول العادل-جل وعلا-: { لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت } [البقرة:286] { إنما تجزون ما كنتم تعملون } [الطور:16] إلى ما لا يكاد يتناهى في القرآن، مع إجماع الأمة أن الله-عز وجل- عدل (¬4) لا ينسب إليه الجور، وهم يقولون: يعذبنا بما لم نفعله.
العقل وحقيقته :
6) - والعقل قيل فيه إنه (¬5) غريزة في القلب [والدليل قوله تعالى]: { قلوب يعقلون بها } [الحج:46]، وقيل: إنه جسم روحاني بسيط نوراني مركوزه في (¬6) جبلة العلوم العقلية المنسوبة إليه، الفطرية تعلمها لا بتعليم ولا تعلم و (¬7) لا يخالجه الشك فيها، وقيل: إنه العلوم العقلية نفسها من الواجبات والجائزات، والمستحيلات، وهو مصدر من قولك:[علمت علما و] (¬8) عقلت عقلا، فعلى هذا القول هو (¬9) من أفعال القلب. وقيل: إنه العلوم التجريبية النظرية، وهو من أفعال القلب أيضا غير أن هذا كسب وتلك ضرورة (¬10) ، فالأولان جوهران والآخران عرضان. والأصح أنه جوهر روحاني بسيط مركوزة فيه علوم الجبلة ويزداد بالتجارب استحكاما.
¬__________
(¬1) - أي للمعتزلة.
(¬2) - سقط من ب «من».
(¬3) - في ب «بخلاف قول».
(¬4) - في ب «عادل».
(¬5) - سقط من الأصل «إنه» والإضافة من ب وج.
(¬6) - هكذا في النسخ الثلاث، ولعل الصواب:«فيه».
(¬7) - سقط من ب وج «و».
(¬8) - ما بين المعقوفين إضافة من ب.
(¬9) - في الأصل وج «فهو» والمثبت من ب.
(¬10) - سقط قوله: «غير أن هذا كسب وتلك ضرورة» من ب.
Page 15