وَكُفْرُ النَّصَارَى بِتَكْذِيبِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَبِمُخَالَفَةِ الْمُسْلِمِينَ أَعْظَمُ مِنْ كُفْرِ الْيَهُودِ بِمُجَرَّدِ تَكْذِيبِ الْمَسِيحِ، فَإِنَّ الْمَسِيحَ لَمْ يَنْسَخْ مِنْ شَرْعِ التَّوْرَاةِ إِلَّا قَلِيلًا، وَسَائِرُ شَرْعِهِ إِحَالَةٌ عَلَى التَّوْرَاةِ، وَلَكِنْ عَامَّةُ دِينِ النَّصَارَى أَحْدَثُوهُ بَعْدَ الْمَسِيحِ، فَلَمْ يَكُنْ فِي مُجَرَّدِ تَكْذِيبِ الْيَهُودِ لَهُ مِنْ مُخَالَفَةِ شَرْعِ اللَّهِ الَّذِي جَاءَ بِكِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَمْ يُحِلْ شَيْئًا مِنْ شَرْعِهِ عَلَى شَرْعِ غَيْرِهِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [العنكبوت: ٥١] .
وَالْقُرْآنُ أَصْلٌ كَالتَّوْرَاةِ وَإِنْ كَانَ أَعْظَمَ مِنْهَا ; وَلِهَذَا عُلَمَاءُ النَّصَارَى يَقْرِنُونَ بَيْنَ مُوسَى وَمُحَمَّدٍ ﷺ، كَمَا قَالَ النَّجَاشِيُّ مَلِكُ النَّصَارَى لَمَّا سَمِعَ الْقُرْآنَ: إِنَّ هَذَا وَالَّذِي جَاءَ بِهِ
1 / 116