248

Jawab Mukhtar

مجموع الإمام القاسم بن محمد عليه السلام (القسم الأول)

[سبب نزول الآية {ما قطعتم من لينة أو تركتموها...}]

فإن قيل: إن سبب نزولها أن الصحابة اختلفوا في القطع، فبعضهم سوغه وبعضهم لم يسوغه، فأنزل الله تعالى الآية لتصويب الفريقين!

قلت وبالله التوفيق: لو سلم صحة ذلك لم تفد الآية غير ما ذكرنا من معنى الإباحة، فهي بيان لحكم ما اختلفوا فيه لا لتصويب المجتهدين، ألا ترى أنه مع ذلك يسوغ لكل واحد من الفريقين العمل بأي الأمرين على التخيير ولا يسوغ مثل ذلك في المسائل المختلف فيها بالإجماع المعلوم! وإلا فقد ذكر بعض المفسرين أن سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرهم بالقطع، فقال بعض أصحابه: كيف نفعل ذلك وقد نهى الله عن الفساد في الأرض؟ فنزلت، وذلك يبطل ما ذكر من خلافه بالمعارضة إن لم يكن راجحا.

وأما خبر معاذ فلايدل على تصويب المجتهدين مع الاختلاف أيضا؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما حمد الله على توفيق الله لمعاذ إلى طرق الأحكام، وسياق الخبر شاهد بذلك؛ ولأن دعوى كون معاذ لا يخطئ في اجتهاداته باطلة؛ لأنه لايصح أن يكون أرفع حالا من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد صح جواز الخطأ عليه في اجتهاداته كما تقدم بيانه، فكيف يكون مصيبا على الإطلاق؟ وإن سلم فلا يصح قياس سائر المجتهدين عليه؛ لأنهم لم يكونوا رسلا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والنبي إنما قال: ((الحمد لله الذي وفق رسول رسوله)).

Page 276