فأما ما سألت من التقرب (1) بينهم حتى يسمع بعضهم قول بعض؛ فليس ذلك كذلك فيهم، ولا ذلك فعل الله تبارك وتعالى بهم، وكيف يسمع أهل الجنة كلام أهل النار، وهم لا يسمعون حسيس النار؟ فحسيس النار أشد حسا، وأبعد صوتا(2) من كلام أهلها الذين ذكر الله عنهم، وشرح سبحانه أنه يكون منهم.
ألا تسمع كيف يقول الله سبحانه: {لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون}[الأنبياء: 102]؟ فأخبر أن المؤمنين لا يسمعون للنار حسيسا، وأنهم عنها مبعدون.
وإنما كلامهم لأهل النار، وكلام أهل النار لهم، عند قولهم: {أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله}[الأعراف: 50] فهو بالرسائل التي تبلغها الملائكة عنهم، وتمشي بها بينهم، وذلك منها صلوات الله عليها فبإذن من الله لها فيه، وتقدير منه سبحانه لها عليه.
وإنما جعلهم الله كذلك، وأذن لهم في ذلك؛ ليكون ذلك سرورا للمؤمنين، ومعرفة منهم بما نزل بالمكذبين الضالين، فيتجدد لهم بذلك البهج والسرور، وتكمل لهم به الغبطة والحبور، ويكون من علم أخبار المؤمنين، وبما هم(3) عليه من عطايا رب العالمين حسرة في قلوب الكافرين، وعذابا لهم مع عذاب النار، وأسفا لما فاتهم من كريم القرار، ونعيم الدار؛ التي جعلها لله ثوابا للأبرار.
فافهم ما عنه سألت، وقف من الجواب على ما طلبت.
[هل ترد أزواج المؤمنين في الآخرة ]
وسالت فقلت: هل ترد على المؤمنين أزواجهم اللواتي كن معهم في الدنيا؟
واعلم رحمك الله أنهن إن كن مؤمنات مثلهم، متقيات لله كهم؛ جمع الله بينهم في الآخرة الباقية، كما جمع بينهم في دار الدنيا الفانية.
Page 747