Jamic Wajiz
الجامع الوجيز في وفيات العلماء أولي التبريز - للجنداري
Genres
وفيها خرج ملك الألمان من بلادهم وهم نوع من الفرنج من أكثرهم عددا وأشدهم بأسا وكان قد أزعجه ملك المسلمين ببيت المقدس فسلك طريق القسطنطينية فكتب ملك الروم إلى صلاح بالخبر ووعده أنه لا يمكنه من العبور، فلما وصلوا عجز عنهم لكثرتهم لكنه منعهم من الميراث فضاقت بهم الأقوات، فلما دخلوا بلاد الإسلام ثار بهم التركمان فسايروهم وقتلوا من انفرد ونهبوا ما قدروا عليهم، وذلك في الشتاء مع شدة البرد وأهلكهم الجوع والبرد والتركمان فقل عددهم فلما قاربوا قونية خرج إليهم الملك قطب الدين ليمنعهم فلم يقدر، فلما رجع عنهم تبعوه ونازلوا قونية وأرسلوا إلى ابنه هدية وقالوا ما قصدناك إنما قصدنا البيت المقدس وطلبوا منه أن يأذن لرعيته لإخراج الأقوات فأذن لهم فترددوا فسار حتى أتى بلاد الأرمن فمدوه بالأقوات ثم ساروا إلى إنطاكية، وكان في طريقهم نهر فنزلوا عنده ودخل ملكهم ليغتسل فغرق في مكان لا يبلغ الماء وسط الرجل وكفا الله شره، وكان معه ولده فملكوه وسار إلى إنطاكية فاختلفوا واضطربوا وكانوا نيف وأربعين ألفا، فتبرم بهم صاحب إنطاكية وحسن لهم المسير إلى عكا فخرج عليهم أهل حلب فأخذوهم وكثر فيهم الموت ولم يركب إلى عكا إلا ألف رجل، فلما اختلوا رجعوا بلادهم فغرقت بهم المراكب ولم ينج منهم أحد وبلغ مال المسلمين كما قال الله تعالى { إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم } الآية الشريفة.
وفي العشرين من جمادى خرجت الفرنج فارسها وراجلها وتقدموا وقصدوا عسكر مصر والملك الغال فاقتتلوا قتالا شديدا وانحاز المصريين ودخل الفرنج خيامهم ونهبوهم فعطف المصريون عليهم وقاتلوهم فأخرجوهم،وطائفة فبعثت عليهم المدد وأحاطوا بهم وأخذوهم السيوف من كل جانب فقتل منهم ما يزيد على عشرة آلاف قتيل.
Page 137