Jamic Rasail
جامع الرسائل
Investigator
د. محمد رشاد سالم
Publisher
دار العطاء
Edition Number
الأولى ١٤٢٢هـ
Publication Year
٢٠٠١م
Publisher Location
الرياض
وَالْإِنْسَان خلق ظلوما جهولا فَالْأَصْل فِيهِ عدم الْعلم وميله إِلَى مَا يهواه من الشَّرّ فَيحْتَاج دَائِما إِلَى علم مفصل يَزُول بِهِ جَهله وَعدل فِي محبته وبغضه وَرضَاهُ وغضبه وَفعله وَتَركه وإعطائه وَمنعه وكل مَا يَقُوله ويعمله يحْتَاج فِيهِ إِلَى عدل يُنَافِي ظلمه فَإِن لم يمن الله عَلَيْهِ بِالْعلمِ الْمفصل وَالْعدْل الْمفصل وَإِلَّا كَانَ فِيهِ من الْجَهْل وَالظُّلم مَا يخرج بِهِ عَن الصِّرَاط الْمُسْتَقيم وَقد قَالَ تَعَالَى لنَبيه بعد صلح الْحُدَيْبِيَة وبيعة الرضْوَان إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر وَيتم نعْمَته عَلَيْك ويهديك صراطا مُسْتَقِيمًا وينصرك الله نصرا عَزِيزًا [سُورَة الْفَتْح ١ - ٣] فَأخْبر أَنه فعل هَذَا ليهديه صراطا مُسْتَقِيمًا فَإِذا كَانَ هَذَا حَاله فَكيف حَال غَيره
والصراط الْمُسْتَقيم قد فسر بِالْقُرْآنِ وَالْإِسْلَام وَطَرِيق الْعُبُودِيَّة وكل هَذَا حق فَهُوَ مَوْصُوف بِهَذَا وَبِغَيْرِهِ فحاجته إِلَى هَذِه الْهِدَايَة ضَرُورِيَّة فِي سعادته ونجاته بِخِلَاف الْحَاجة إِلَى الرزق والنصر فَإِن الله يرزقه وَإِذا انْقَطع رزقه مَاتَ وَالْمَوْت لَا بُد مِنْهُ فَإِن كَانَ من أهل الْهِدَايَة كَانَ سعيدا وَإِن كَانَ بعد الْمَوْت وَكَانَ الْمَوْت موصلا لَهُ إِلَى السَّعَادَة الدائمة الأبدية فَيكون رَحْمَة فِي حَقه وَكَذَلِكَ النَّصْر إِذا قدر أَنه قهر وَغلب حَتَّى قتل فَإِذا كَانَ من أهل الْهِدَايَة إِلَى الإستقامة مَاتَ شَهِيدا وَكَانَ الْقَتْل من تَمام نعْمَة الله عَلَيْهِ فَتبين أَن حَاجَة الْعباد إِلَى الْهَدْي أعظم من حَاجتهم إِلَى الرزق بل لَا نِسْبَة بَينهمَا فَلهَذَا كَانَ هَذَا الدُّعَاء هُوَ الْمَفْرُوض عَلَيْهِم
وَأَيْضًا فَإِن الدُّعَاء يتَضَمَّن الرزق والنصر لِأَنَّهُ إِذا هدي الصِّرَاط الْمُسْتَقيم كَانَ من الْمُتَّقِينَ وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب وَكَانَ مِمَّن ينصر الله وَرَسُوله وَمن نصر الله نَصره وَكَانَ من جند الله وجند الله هم الغالبون فالهدى التَّام يتَضَمَّن حُصُول أعظم مَا يحصل بِهِ الرزق والنصر
1 / 100