إِن إِبْلِيس قَالَ لرَبه ﷿ بعزتك وجلالك لَا أَبْرَح أغوى بني آدم مَا دَامَت الْأَرْوَاح فيهم فَقَالَ لَهُ ربه ﷿ فبعزتي وَجَلَالِي لَا أَبْرَح أَغفر لَهُم مَا استغفروني
فصل
الْعِصْيَان يَقع مَعَ ضعف الْعلم
وَجَمِيع مَا يَتُوب العَبْد مِنْهُ سَوَاء كَانَ فعلا أَو تركا قد لَا يكون كَانَ عَالما بِأَنَّهُ يَنْبَغِي التَّوْبَة مِنْهُ وَقد يكون كَانَ عَالما بذلك فَإِن الْإِنْسَان كثيرا مَا يكون غير عَالم بِوُجُوب الشَّيْء أَو قبحه ثمَّ يتَبَيَّن لَهُ فِيمَا بعد وُجُوبه أَو قبحه وَقد يكون عَالما بِوُجُوبِهِ أَو قبحه ويتركه أَو يَفْعَله لضعف الْمُقْتَضى لفعل الْوَاجِب أَو قُوَّة الْمُقْتَضى لفعل الْقَبِيح لَكِن هَذَا لَا يكَاد يَقع إِلَّا مَعَ ضعف الْعلم بِوُجُوبِهِ وقبحه وَإِلَّا فَإِذا كمل الْعلم استلزم الْإِرَادَة الجازمة فِي الطَّرفَيْنِ وَلِهَذَا قَالَ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السوء بِجَهَالَة ثمَّ يتوبون من قريب فَأُولَئِك يَتُوب الله عَلَيْهِم وَكَانَ الله عليما حكيما [سُورَة النِّسَاء ١٧] قَالَ أَبُو الْعَالِيَة قَالَ أَصْحَاب مُحَمَّد ﷺ كل من عصى الله فَهُوَ جَاهِل وكل من تَابَ قبل الْمَوْت فقد تَابَ من قريب