Al-Jāmiʿ li-Akhlāq al-Rāwī wa-Ādāb al-Sāmiʿ
الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع
Editor
د. محمود الطحان [ت ١٤٤٤ هـ]
Publisher
مكتبة المعارف
Publisher Location
الرياض
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الْقُدْرَةِ وَالْجَلَالِ، وَالنِّعَمِ السَّابِغَةِ وَالْإِفْضَالِ، الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِمَعْرِفَتِهِ، وَهَدَانَا إِلَى الْإِقْرَارِ بِرُبُوبِيَّتِهِ، وَجَعَلَنَا مِنْ أُمَّةِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، السَّامِي بِفَضْلِهِ عَلَى سَائِرِ الْعَالَمِينَ، الطَّاهِرِ الْأَعْرَاقِ، الشَّرِيفِ الْأَخْلَاقِ، الَّذِي قَالَ اللَّهُ الْكَرِيمُ مُخَاطِبًا لَهُ فِي الذِّكْرِ الْحَكِيمِ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [سورة: القلم، آية رقم: ٤] ﷺ، وَأَزْلَفَ مَنْزِلَتَهُ لَدَيْهِ، وَعَلَى إِخْوَانِهِ وَأَقْرَبِيهِ وَصَحَابَتِهِ الْأَخْيَارِ وَتَابِعِيهِ، وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، دَائِمًا أَبَدًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ ذَكَرْتُ فِي كِتَابِ «شَرَفُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ» مَا يَحْدُو ذَا الْهِمَّةِ عَلَى تَتَبُّعِ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَالِاجْتِهَادِ فِي طَلَبِهَا، وَالْحِرْصِ عَلَى سَمَاعِهَا، وَالِاهْتِمَامِ بِجَمْعِهَا وَالِانْتِسَابِ إِلَيْهَا. وَلِكُلِّ عِلْمٍ طَرِيقَةٌ يَنْبَغِي لِأَهْلِهِ أَنْ يَسْلُكُوهَا، وَآلَاتٌ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَأْخُذُوا بِهَا وَيَسْتَعْمِلُوهَا. وَقَدْ رَأَيْتُ خَلْقًا مِنْ أَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ يَنْتَسِبُونَ إِلَى الْحَدِيثِ، وَيَعُدُّونَ أَنْفُسَهُمْ مِنْ أَهْلِهِ الْمُتَخَصِّصِينَ بِسَمَاعِهِ وَنَقْلِهِ، وَهُمْ أَبْعَدُ النَّاسِ مِمَّا يَدَّعُونَ، وَأَقَلُّهُمْ مَعْرِفَةً بِمَا إِلَيْهِ يَنْتَسِبُونَ، يَرَى الْوَاحِدُ مِنْهُمْ إِذَا كَتَبَ عَدَدًا قَلِيلًا مِنَ الْأَجْزَاءِ، وَاشْتَغَلَ بِالسَّمَاعِ بُرْهَةً يَسِيرَةً مِنَ الدَّهْرِ، أَنَّهُ صَاحِبُ حَدِيثٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلَمَّا يُجْهِدْ نَفْسَهُ وَيُتْعِبْهَا فِي طِلَابِهِ، وَلَا لَحِقَتْهُ مَشَقَّةُ الْحِفْظِ لِصُنُوفِهِ وَأَبْوَابِهِ
1 / 75