Jamic Li Ahkam Quran
الجامع لاحكام القرآن
Investigator
أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش
Publisher
دار الكتب المصرية
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م
Publisher Location
القاهرة
هِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ لَهَا، وَإِلَّا فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ أَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ ﷺ فِي كُلِّ قِرَاءَةٍ مِنْهُمَا وَقَدِ اخْتَلَفَا:" هَكَذَا أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ" هَلْ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ أَقْرَأَهُ مَرَّةً بِهَذِهِ وَمَرَّةً بِهَذِهِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ أَنَسٍ حِينَ قَرَأَ:" إِنْ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَصْوَبُ قِيلًا" فَقِيلَ لَهُ: إِنَّمَا نَقْرَأُ" وَأَقْوَمُ قِيلًا". فَقَالَ أَنَسٌ: وَأَصْوَبُ قِيلًا، وَأَقْوَمُ قِيلًا وَأَهْيَأُ، وَاحِدٌ، فَإِنَّمَا مَعْنَى هَذَا أَنَّهَا مَرْوِيَّةٌ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ هَذَا لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ أَنْ يَضَعَهُ لَبَطَلَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى:" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ" «١». رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: قَالَ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سورة" الفرقان" على غير ما أقرؤها، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَقْرَأَنِيهَا، فَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ ثُمَّ لَبَّبْتُهُ «٢» بِرِدَائِهِ، فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ" الْفُرْقَانِ" عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:" أَرْسِلْهُ اقْرَأْ" «٣» فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:" هَكَذَا أُنْزِلَتْ" ثُمَّ قَالَ لِي:" اقْرَأْ" فَقَرَأْتُ فَقَالَ:" هَكَذَا أُنْزِلَتْ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سبعة أحرف فَاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ". قُلْتُ: وَفِي مَعْنَى حَدِيثِ عُمَرَ هَذَا، مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ فَدَخَلَ رجل يصلى، قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ قِرَاءَةً سِوَى قِرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الصَّلَاةَ دَخَلْنَا جَمِيعًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا قَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ، وَدَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ سِوَى قِرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَأَمَرَهُمَا النَّبِيُّ ﷺ فَقَرَآ، فَحَسَّنَ النَّبِيُّ ﷺ شَأْنَهُمَا، فَسُقِطَ فِي نَفْسِي مِنَ التَّكْذِيبِ وَلَا إِذْ كُنْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ ﷺ مَا قَدْ غَشِيَنِي، ضَرَبَ فِي صَدْرِي فَفِضْتُ عَرَقًا، وَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَرَقًا، فَقَالَ لِي:" يَا أُبَيُّ أُرْسِلَ إِلَيَّ أَنِ اقْرَأِ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي فَرَدَّ إِلَيَّ الثَّانِيَةَ اقْرَأْهُ عَلَى حَرْفَيْنِ فَرَدَدْتُ إليه ان هون على أمتي
(١). آية ٩ سورة الحجر. (٢). قوله: لببته بردائه. اي جمعت ثيابه عند صدره ونحره ثم جررته. [.....] (٣). أرسل الشيء: أطلقه.
1 / 48