Jamic Li Ahkam Quran
الجامع لاحكام القرآن
Investigator
أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش
Publisher
دار الكتب المصرية
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م
Publisher Location
القاهرة
أَوْ مِنَ الْهَاءِ وَالْمِيمِ فِي" عَلَيْهِمْ"، أَوْ صِفَةٌ لِلَّذِينَ وَالَّذِينَ مَعْرِفَةٌ وَلَا تُوصَفُ الْمَعَارِفُ بِالنَّكِرَاتِ وَلَا النَّكِرَاتُ بِالْمَعَارِفِ، إِلَّا أَنَّ الَّذِينَ لَيْسَ بِمَقْصُودِ قَصْدِهِمْ فَهُوَ عَامٌّ، فَالْكَلَامُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ: إِنِّي لَأَمُرُّ بِمِثْلِكَ فَأُكْرِمُهُ، أَوْ لِأَنَّ" غَيْرِ" تَعَرَّفَتْ لِكَوْنِهَا بَيْنَ شَيْئَيْنِ لَا وَسَطَ بَيْنَهُمَا، كَمَا تَقُولُ: الْحَيُّ غَيْرُ الْمَيِّتِ، وَالسَّاكِنُ غَيْرُ الْمُتَحَرِّكِ، وَالْقَائِمُ غَيْرُ الْقَاعِدِ، قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ لِلْفَارِسِيِّ، وَالثَّانِي لِلزَّمَخْشَرِيِّ. وَالنَّصْبُ فِي الرَّاءِ عَلَى وَجْهَيْنِ: عَلَى الْحَالِ مِنَ الَّذِينَ، أَوْ مِنَ الْهَاءِ وَالْمِيمِ فِي عَلَيْهِمْ، كَأَنَّكَ قُلْتَ: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ لَا مَغْضُوبًا عَلَيْهِمْ. أَوْ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، كَأَنَّكَ قُلْتَ: إِلَّا الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ. وَيَجُوزُ النَّصْبُ بِأَعْنِي، وَحُكِيَ عَنِ الْخَلِيلِ. الْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ" لَا" فِي قَوْلِهِ" وَلَا الضَّالِّينَ" اخْتُلِفَ فِيهَا، فَقِيلَ هِيَ زَائِدَةٌ، قَالَهُ الطَّبَرِيُّ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ «١» " [الأعراف: ١٢]. وَقِيلَ: هِيَ تَأْكِيدٌ دَخَلَتْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الضَّالِّينَ مَعْطُوفٌ عَلَى الَّذِينَ، حَكَاهُ مَكِّيٌّ وَالْمَهْدَوِيُّ. وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ:" لَا" بِمَعْنَى غَيْرِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ عُمَرَ وَأُبَيٍّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. السَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ الْأَصْلُ فِي" الضَّالِّينَ": الضَّالِلِينَ حُذِفَتْ حَرَكَةُ اللَّامِ الْأُولَى ثُمَّ أُدْغِمَتِ اللَّامُ فِي اللَّامِ فَاجْتَمَعَ سَاكِنَانِ مَدَّةُ الْأَلِفِ وَاللَّامُ الْمُدْغَمَةُ. وَقَرَأَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ:" وَلَا الضَّأْلِينَ" بِهَمْزَةٍ غَيْرِ مَمْدُودَةٍ، كَأَنَّهُ فَرَّ مِنَ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَهِيَ لُغَةٌ. حَكَى أَبُو زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ يَقْرَأُ:" فيومئذ لا يسئل «٢» عن ذنبه إنس ولا جأن" [الرحمن: ٣٩] فَظَنَنْتُهُ قَدْ لَحَنَ حَتَّى سَمِعْتُ مِنَ الْعَرَبِ: دَأَبَّةٌ وَشَأَبَّةٌ. قَالَ أَبُو الْفَتْحِ: وَعَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ قَوْلُ كُثَيِّرٍ:
إِذَا مَا الْعَوَالِي بِالْعَبِيطِ احْمَأَرَّتْ «٣»
نُجِزَ تَفْسِيرُ سُورَةِ الْحَمْدِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ والمنة.
(١). راجع ج ٧ ص ١٧٠ (٢). راجع ج ١٧ ص ١٧٤ (٣). كذا ورد هذا الشطر في جميع نسخ الأصل وتفسير ابن عطية وأبي حيان والبيت كما في ديوانه واللسان مادة (جنن): وأنت ابن ليلى خير قومك مشهدا ... إذا ما احمأرّت بالعبيط العوامل وهو من قصيدة يمدح بها عبد العزيز بن مروان. وعوالي الرماح: أسنتها واحدتها عالية. والعبيط: الدم الطري. واحمر الشيء واحمار بمعى.
1 / 151